البصري-رحمه الله-"إنهم وإن طفطقت بهم البغال, وهملجت بهم البراذين إلا أن ذل المعصية لايفارق جباههم إنه الله أبى إلا أن يذل من عصاه ".قال بعض العلماء: قسم الله تعالى الخلائق ثلاثة أقسام: فسمٌ خُلِقوا بعقلٍ بغير شهوةٍ وهم: الملائكة, وقسمٌ خلقوا بشهوةٍ بغير عقل: وهم الدواب, وقسمٌ خلقوا بشهوة وعقل وهم: بنو آدم, فمن غلب عقله على شهوته, كان مع الملائكة ,ومن غلب شهوته على عقله كان مع الدواب"أهـ. بل نقول من تَغَلّبْ على شهوته ,وأطاع ربه فإنه قد يرتقي إلى درجة تغبطه فيه الملائكة, ومن إتبع الشهوة وضل وأضل نفسه وغوى فقد يصل به الحال إلى أن يكون أضل من الأنعام"أولائك كالأنعام بل هم أضل .. "
أيها المسلمون: أيام التشريق أيام أكلِ وشربٍ وذكر لله عز وجل ...
إعلموا أيها المسلمون أن نهاية وقت الذبح للأضاحي هو غروب شمس اليوم الثالث عشر على القول الأرجح, ولا مانع من التوسع في الأكل والشرب ولا سيما اللحم لأن الرسول-?- وصفها بأنها أيام أكلٍ وشربٍ, مالم يصل ذالك إلى حد الإسراف والتبذيرأو التهاون بنعم الله تعالى ,فينتقل الإنسان بهذا العمل من العبودية لله فيه إلى أخوة الشياطين"إن المسرفين كانوا إخوان الشياطين".
أيام التشريق" أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله عز وجل"قال الأشرفي-رحمه االله-"وعقب الأكل والشرب بذكر الله, لئلا يستغرق العبد في حظوظ نفسه وينسى في هذه الأيام حقوق الله ".
أيها المسلمون: إنهذه الأيام أيام ذكرٍ لله تعالى وذكر الله تعالى المأمور به في هذه الأيام أنواعٌ متعددةٌ منها:
أولاً: ذكر الله عز وجل عقب الصلوات المكتوبه في التكبير في دُبرها وهو مشروع إلى آخر أيام التشريقْ عند جمهور العلماء, ومن العلماء من يرى أن التكبير أيام التشريق ليس مقيداً بأدبار الصلوات بل هو مطلق في سائر الأحوال, لأن الله عز وجل خص هذه الأيام بالذكر فقال"وأذكروا الله في أيامٍ معدودات"وهذا الأمر للحاج وغير الحاج ,كما ذكر ذالك القرطبي-رحمه الله-,وكذالك وصفها رسول الله-?- بأنها أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله تعالى, ويتحقق ذالك واضحاً لإذا كان التكبير في هذه الأيام تكبيراً مطلقاً في كل الأوقات والأحوال الصالحة للذكر ,:أدبار الصلوات وفي المساجد والمنازل والطريق وغير ذالك. قال الشيخ عبدالله الصالح الفوزان: وهذا قولٌ وجيه.
الله أكبر الله اكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ..
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين, فأستغفروه من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله المحمود بكل لسان ,المعبود في كل زمان ,المقصود من كل مكان, يسأله من في السموات والأرض كل يومٍ هو في شأن, أحمده وأشكره وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأستغفره وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه -?-وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ,أما بعد:
أيها المسلمون: أتقوا الله تعالى حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى وأعلموا أن أجسادكم على النارِ لاتقوى "فأتقوا النار ولو بشق تمره ... "
ومن ذكر الله المأمور به في هذه الأيام ,غير ماذكر:
ثانيا: ذكره تعالى بالتسمة والتكبير عند ذبح الهدايا والأضاحي.
ثالثا: ذكر الله عز وجل على الأكل والشرب فإن المشروع في الأكل والشرب أن يسمي الله في أوله ويحمده في آخره ,وفي الحديث"أن الله عز وجل يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ,ويشرب الشربة فيحمده عليها .. "
رابعا: ذكر الله تعالى عند رمي الجمار, وهذا يختص به أهل الموسم.
خامساً: ذكر الله مطلقاً, فإنه يستحب الإكثار منه في أيام التشريق ,كما يستحب في غيره, وقد إستحب كثيرٌ من السلف كثرة الدعاء فيها, قال إبن رجب-رحمه الله-"وفي الأمر بالذكر عند إنقضاء النسك معنى, وهو أن سائر العبادات تنقضي ويفرغ منها وذكر الله باقٍ ,ولاينقضي منه ولا يفرغ منه بل هو مستمرٌ للمؤمنين في الدنيا والآخره. أ هـ. وفي الحديث:"لايزال لسانك رطباً بذكر الله .. ".
أيها المسلمون: الذاكر لله تعالى منشرح الصدر, مستنير القلب, مطمئن النفس, له شهودٌ في الدنيا يشهدون بذكره, ويعرف صوته في الملأ الأعلى لذكره. قال إبن مسعود--?"إن الجبل ينادي الجبل هل مر بك رجلٌ يذكر الله, فإن قال: نعم إستبشر".
الله أكبر!! حتى الجبال تفرح بذكر الله تعالى؟!.وقال بعض السلف:"إن المسلم إذا مات بكى عليه مصلاه وموضع سجوده".ولم لايبكي عليه؟! وقد فقد ذكراً ودعائاً وصلاةً وسجوداً ...
ويكفيك للذكر شرفاً قوله تعالى كما في الحديث القدسي"من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ,ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خيراً منه ... "فالله سبحانه في علاه يذكر الذاكر له في الأرض ...
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Nov 2009, 04:11 م]ـ
أحسن الله إليكم ووفقكم يا أبا عبدالله، ورحم الله أبا حذيفة وغفر له وجمعنا به في جنات النعيم، وأنا لم ألقه ولم أعرفه ولكنني قرأتُ له بعض مقالاته التي كان ينشرها في البيان، وزادت محبتنا له بعد فراقه وكثرة ثناءكم عليه رحمه الله.
¥