تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نعيمان]ــــــــ[05 Dec 2009, 10:58 م]ـ

رحم الله تعالى من لقي ربّه، وعوّض من فقد حبيباً أو عزيزاً أو مالاً خيراً مما أخذ منه، ((فاللهم أجرنا في مصيبتنا وعوّضنا خيراً منها))

ولقد والله رأيت المشهد بعينيّ ومعي أسرتي التي نجانا الله عزّ وجلّ من هذه الكارثة بتأخير خمس ساعات في مسافة لا تتجاوز الثلاثة كيلوات بين الطّائف وجدّة، فمن شدّة القهر-قهر التأخير- ألهمني الله عزّ وجلّ قوّة الصبر- الصّبر على التأخير- فعلمنا حين شهدنا آخر الكارثة أنّ الله أراد بي وبأسرتي الخير، وأنّ أوان فراقنا الدّنيا لم يحن بعد. وما راء - يا أحبّة - كمن سمع. وكنت أصف لأخي الحبيب -أبي أنس حفظه الله وسدّده؛ القاطن جدّة هول ما رأيت كأنّه طوفان تسونامي حقيقي، أو قرية من القرى التي دمّرها الجبّار سبحانه فجعل عالي الطريق ومن عليها سافلها.

وعند خروجنا إلى جبل عرفات ورؤية أخي لما رأيت -بعد انسحاب الطوفان- ذهل!! فعلمت أنّي رغم ذهول الموقف ودقّة الوصف لم أستطع أن أصف له هول الفاجعة جيّداً. وقد دمّرت مركبات بعض إخواننا في هذا المكان الرّهيب. وتوّفي بعضهم رحمهم الله تعالى. وعزاؤنا لأهلهم أهلنا جميعاً.

جزاكم الله خيراً العزيز الدكتور عبد الرّحمن والإخوة الأعزّاء الذين عقّبوا.

وقد والله كنت أحضّر نفسي بعد عودتي من جدّة أمس التي أصبحت "جدّة غير" كما يتندّر إخواننا الجدّيون حفظهم الله، فأصبح المزاح جداً في جدّة، وأصبحت "جدّة غير" خلافاً لمدن المملكة، بعد أن كانت عروس البحر صارت عجوز البحر. أعاد الله لها رونقها وجمالها ولآلئها.

أقول: كنت أحضّر نفسي لأكتب؛ ولكن سبق الكريمُ الكرامَ.

الكارثة تحتاج إلى وقفة .. إلى عبرة .. إلى عمل دؤوب .. وإلى تصويب؛ حتى لا تتكرّر الأخطاء، ونصحو على كارثة أكبر لا قدّر الله؛ كما يتخوّف الجدّيّون من منطقة خطيرة عندهم يسمّونها المسكيّة. حمى الله ديار المسلمين جميعاً، بل والمستضعفين في الأرض من الكوارث والمصائب.

وأستغفر الله العظيم لي ولكم

ـ[نعيمان]ــــــــ[07 Dec 2009, 01:36 م]ـ

وهذه قصيدة معبّرة في سيول جدّة للشّاعر المتالّق دوماً الدّكتور عبد الرّحمن بن صالح العشماوي -حفظه الله-؛ الذي لا يدع مناسبة إلا ويبادر في تخليدها شعراً؛ جزاه الله خيراً، وطيّب أنفاسه، ولا فضّ الله فاه، ولا غيره من الشّعراء الجادّين المبدعين.

لا تسألوا عن جدَّةَ الأمطارا

لا تسألوا عن جده الأمطار = لكنْ سلوا مَنْ يملكون قرارا

لا تسألوا عنها السيولَ فإنها = قَدَرٌ، ومَنْ ذا يَصْرف الأقدارا؟

لا تسألوا عنها بحيرةَ (مِسْكِهَا) = فَلِمِسْكِهَا معنىً يؤجِّج نارا

أتكون جدَّةُ غيرَ كلِّ مدينةٍ = والمسكُ فيها يقتل الأزهارا؟!

لا تسألوا عن جدَّةَ الجرحَ الذي = أجرى دموعَ قلوبنا أنهارا

لكنْ سلوا عنها الذين تحمَّلوا = عبئاً ولم يستوعبوا الإنذارا

مَنْ عاش في أغلى المكاتب قيمةً = وعلى كراسيها الوثيرة دارا

مَنْ زخرف الأثواب فيها ناسياً = جسداً تضعضع تحتها وأنهارا

لا تسألوا عن بؤسِ جدَّةَ غيرَ مَنْ = دهَنَ اليدَيْن، وقلَّم الأظفارا

مَنْ جرَّ ثوب وظيفةٍ مرموقةٍ = فيها، ومزَّق ثوبها وتوارى

وأقام في الساحاتِ أَلْفَ مجسَّمٍ = تسبي برونق حُسْنها الأبصارا

صورٌ تسرُّ العينَ تُخفي تحتها = صوراً تثير من الرَّمادِ (شراراً (

أهلاً برونقها الجميل ومرحباً = لو لم يكن دونَ الوباء سِتارا

لا تسألوا عن حالِ جدَّةَ جُرْحَها = فالجرح فيها قد غدا موَّارا

لكنْ سلوا مَنْ يغسلون ثيابهم = بالعطر، كيف تجاوزوا المقدارا

ما بالهم تركوا العباد استوطنوا = مجرى السيول، وواجهوا التيَّارا

السَّيْلُ مهما غابَ يعرف دربَه = إنْ عادَ يمَّم دربَه واختارا

فبأيِّ وعيٍ في الإدارة سوَّغوا = هذا البناء، وليَّنوا الأحجارا؟!

ما زلت أذكر قصةً ل (مُواطنٍ) = زار الفُلانَ، وليته ما زارا

قال المحدِّث: لا تسلني حينما = زُرْتُ (الفُلانَ) الفارس المغوارا

ومَرَرْتُ بالجيش العَرَمْرَمِ حَوْلَه = وسمعتُ أسئلةً وعشتُ حصارا

حتى وصلْتُ إلى حِماه، فلا تسلْ = عن ظهره المشؤوم حين أدارا

سلَّمتُ، ما ردَّ السلامَ، وإنَّما = ألقى عليَّ سؤاله استنكارا

ماذا تريد؟ فلم أُجِبْه، وإنَّما = أعطيتُه الأوراقَ و (الإِشعارا)

ألقى إليها نظرةً، ورمى بها = وبكفِّه اليسرى إليَّ أشارا

هل كان أبكم - لا أظنُّ - وإنَّما = يتباكم المتكبِّر استكبارا

فرجعتُ صِفْرَ الرَّاحتَيْن محوقلاً = حتى رأيتُ فتىً يجرُّ إزارا

ألقى السؤالَ عليَّ: هل من خدمةٍ؟ = ففرحتُ واستأمنتُه الأسرارا

قال: الأمور جميعها ميسورةٌ = أَطْلِقْ يديك وقدِّم الدولارا

وفُجِعْتُ حين علمتُ أن جَنَابَه = ما كان إلا البائعَ السِّمْسارا

وسكتُّ حين رأيتُ آلافاً على = حالي يرون الجِذْعَ والمنشارا

ويرون مثلي حُفْرةً وأمانةً = ويداً تدُقُّ لنعشها المسمارا

يا خادم الحرمين، وجهُ قصيدتي = غسل الدموعَ وأشرق استبشارا

إني لأسمع كلَّ حرفٍ نابضٍ = فيها، يزفُّ تحيَّةً ووقارا

ويقول والأمل الكبير يزيده = أَلَقاً، يخفِّف حزنَه الموَّارا

يا خادم الحرمين حيَّاك الحَيَا = لما نفضتَ عن الوجوه غبارا

واسيتَ بالقول الجميل أحبَّةً = في لحظةٍ، وجدوا العمارَ دَمَارا

ورفعت صوتك بالحديث موجِّهاً = وأمرتَ أمراً واتخذت قرارا

يا خادم الحرمين تلك أمانة = في صَوْنها ما يَدْفَعُ الأَخطارا

الله في القرآن أوصانا بها = وبها نطيع المصطفى المختارا

في جدَّةَ الرمزُ الكبيرُ وربَّما = تجد الرموزَ المُشْبِهَاتِ كِثارا

تلك الأمانة حين نرعاها نرى = ما يدفع الآثام والأوزارا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير