فالنحويون مجمعون أنها إما أن تكون دالة علة كثرة المجرور بها أو قلته، وإذا كان بعدها فعل فالفعل بعدها كثير الوفوع أو نادر الوقوع، فهي تحتمل أن تفسر بالدلالة على الكثرة وأن تفسر بالدلالة على القلة بحسب السياق وقصد المتكلم، فلو قلت: مررت بقرية أكثر أهلها أغبياء، فرب رجل ذكي لقيته فيها، كانت رب دالة على القلة، ولو قلت: فرب رجل غبي لقيته، كانت دالة على الكثرة. وهكذا، فهي في الحالة المجردة تحتمل الكثرة والقلة، ويتحدد أحد المعنيين بوجود سبب معين، كما أن الواو لمطلق الجمع تحتمل الترتيب وتحتمل المعية، ويتحدد أحد المعنيين بشيء آخر، فلو قلت: جاء زيد وخالد، فهذا يحتمل أن يكونا جاءا معا أو جاء أحدهما قبل الآخر، فإذا نصبت خالدا دلت على المعية، ولو قلت: جاء زيد وجاء بعده أو قبله خالد دلت على الترتيب.
فإن كان مراد أخي أبا أوس من الاحتمال هذا فهو صحيح، وإن كان يريد غير ذلك فهو غير صحيح:
لأنه فيما عدا ما ذكرت لا يخرج الاحتمال من أن يكون متوجها للمجرور بها أو للإسناد الواقع بعدها.
أما وقوع الاحتمال على المجرور بها فغير متصور وباطل، فلو قلت: رب رجل عالم لقيته، فالاحتمال ليس واقعا على كون المجرور رجلا أو امرأة.
وأما توجهه ووقوعه على الإسناد فباطل أيضا ففي مثالنا السابق اللقيا وقعت بالفعل ولا تحتمل عدم الوقوع، وفي الآية الكريمة: ربما يود الذين كفروا ... فتمنيهم واقع وهو كثير لا ريب فيه وهو واقع بعد الندم والحسرة.
وكذلك في غير القرآن لو وقع المستقبل بعد رب، فوقوع الفعل لازم ولكنه محتمل للكثرة أو القلة، فقولنا: ربما يفعل زيد الخير، يحتمل أنه يفعل الخير ولكن فعله للخير تحتمل القلة والكثرة، وعلى هذا فقس.
وأما قول العامة: ربما يأتيني فلان، بمعنى: قد يأتيني وقد لا يأتي، فإن ورد في الفصيح فهو قليل، ولا يصلح أن يعمم.
هذا على عجل
مع التحية الطيبة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:
الأستاذ والدكتور الفاضل: بهاء الدين عبدالرحمن
جزاك الله خيرا .... على تعليقكم الطيب .... وجعله الله في موازين حسناتكم .... اللهم آمين
ولكن أنا لم أقصد ما ذهبتم إليه .... وكل مقصدي ... من قولي ليس كل ما يقوله النحويون هو صحيح بالضرورة ... هذه الجملة أحب قولها دائما ... لأن بالفعل أقوالهم ليست أحكاما مثبتة .... وقواعدهم دائما كثيرة ومعقدة ومتضاربة وهذا رأيي فيهم ...
بارك الله فيك .... فهمتُ أن الأستاذ والدكتور الفاضل: أبي أوس الشمسان يقصد معنى رب فقط ... وشرحه كله منصب عليها ... ولقد استفدت منه ... وأخشى أني فهمت كذلك بالخطأ .... أليس يا دكتور شرحكم منصب على معنى رب!!!؟
ولكن حديثكم وتعليقكم هذا ـ في الحقيقة ـ أفادني كثيرا أيضا .... إذ فيه من المعلومات القيمة كذلك ما يكتب بماء الذهب ...
أسأل الله أن يبارك في علم أساتذتنا وعلمائنا الأفاضل .... اللهم آمين
وحتما سنأخذ كلامكم في عين الاعتبار