تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سأل الفاضل (خزانة الأدب) سؤالاً ذيَّله بقوله: "أجيبوا أيها العقلاء"؛ وإذ تسوّل لي نفسي (من التسويل لا من التسوّل) أنني عاقل، بدليل أنني أستطيعُ مخاطبتكم عبر الحاسوب رغم تعقيده؛ وكفى بذلكم عقلاً!! فإني مجيبٌ عن سؤاله مستعيناً بالله قائلاً:

إني أرى رأيَك وأذهب مذهبَك، فالشاعر يطوّق الممدوح طوق الحمامة، أما الممدوح فيرشّ على الشاعر دراهم معدودة لا تلبث أن تذهب بها رياح الحدثان.

أذكر ها هنا قصةً من المناسب إيرادُها:

مدح أحدُ الشعراءِ الجوادَ العربيَّ أبا دلف العجلي فقال:

إنما الدنيا أبو دلفٍ ... بين مبداهُ ومحتضره

فإذا ولَّى أبو دلفٍ ... ولَّتِ الدنيا على أثره

فأجزل له أبو دلف العطاء. وتمضي السنون، ويُتَوفَّى الشاعر، ويمشي أبو دلفٍ ذات يوم صحبةَ أحدهم، فتمرّ بالجوار فتاتان أخذتا تتغامزان وتقول إحداهما للأخرى: أهذا أبو دلف الذي قال فيه الشاعر (وأنشدتِ البيتين) فما كان من أبي دلف إلا أن بكى، فسأله صاحبه عن سبب بكائه فقال: ما أظنّ أنني أوفيتُ الشاعر حقّه، فقد أعطيته مالاً فنى وذهبَ، وأعطاني ما لا يفنى!!

واستطراداً - أعانكم الله على ثقل ظلي - أقول: وأبو دلف هذا كان له جارٌ أحاطت به الحاجة فلم يجد بدّاً من بيع داره، فعرضها للبيع وغالى بثمنها، فسُئل عن سبب المغالاة في الثمن فقال: ما غاليت بثمنها إلا للجوار- يعني جوار أبي دلف - فلمّا علم أبو دلفٍ بذلك أعطى صاحب الدار ما سدّ حاجته وأقسم عليه ألاّ يبيع داره، وأن يعود إليه متى ما احتاج.

هذا ما لزم من ردٍّ على أستاذنا (خزانة الأدب)، والآن أولّي وجهي مبتسماً شطر أبي سارة وأقول له:

يا أبا سارة إني أحبك في الله، وإني معاتبك ومشاغبك فاسمع منّي تَنَلْ شكري:

أما المعاتبة؛ فلأنّك من كبار مشرفي الفصيح، ورغم ذلك فإنك لا تفتأ تأتي بزلاتٍ لغوية تجعلنا نزورّ عن مِرقاب الحاسوب ألماً، ولا والله لا نتّهمك في علمك وأنت من أنت؛ فما هي إلا العجلة لا شكّ ولا ريب.

وإذ بلغت بك العجلة أنك لا تراجع ما كتبتَ؛ فلا نلومك إذ ربما أجبرتْك مشاغلك على ذلك.

وإنما نتوجّه إليك بالرجاء أن تُوْلِيَ الأحاديث الشريفة عنايةً خاصةً فلا تعتمد مشاركتك إلا وقد أعطيتَ الحديث حقّه من المراجعة. وقبل أن تتساءل عن الذي حملني على قول ما قلت؛ أرغب إليك أن تعود إلى مشاركتك ذات الرقم (1) في هذا الموضوع وأن تقرأ ما كتبت يداك:

(وفي الحديث: اللهم أعط منفق خلفا، وأعط ممسك تلفا)

فما الذي منعك أن تكتب (منفقاً) - (ممسكاً)؟ أهي العجلة؟! سامحك الله!!

وبعد أن أسألك الصفح إذ علوتُ إلى قامتك الشاهقة بهذا العتاب؛ فإني مُدْلٍ بدلوي في مضوعك الشائق هذا قائلاً:

هل ترى بأساً في أن يبلغ الاهتمام بطالب العلم أن يبحر في الشبكة العالمية مع ما في ذلك من مالٍ وجهد طالباً العلم مظانّه سائلاً عمّا أشكل عليه؟

ما الفرق بين أن يذهب إلى المكتبة أو أن يذهب إلى الشبكة، والنفس تميل إلى الراحة والدعة، وإذ كفانا الله مؤونة التنقيب في بطون الكتب، وسهّل لنا طلب العلم، فما الضير في أن نسلك هذه السبيل الممهّدة، ونوفّر الجهد لأمورٍ لا تُبلغنا فيها الشبكةُ مرادَنا؟

وإنني لأنظر إلى كلِّ حالٍّ في ربوع منتديات العلم - وعلى رأسها (الفصيح) - يطلب الاستزادة من العلم؛ نظرةَ تقدير وإكبار، فلم يذهب للتسكّع في منتديات الإسفاف حيث يذبح الوقت على منحر الفراغ والسفه، بل جاء إلى حيث العلم تتوقد مشاعله، سائلاً قبساً يوري زنده.

ثم إنّ الطالب إذا بحث عن الإجابة في الكتب؛ فسيعثر على رأي واحد - في الأغلب - وسينال العلم وحده، أما لو طرح سؤاله في الشبكة؛ فسيحظى بأكثر من إجابة، وسيُشارك غيره من طلاب العلم هذه الفائدة.

أما أنا فلن أنفكّ أجوب الشبكة متسوّلاً علماً حتى أروي ظمأً لا أزال أجده مطلعَ كلّ شمس:

كلّما أدّبني الدهـ ... ــرُ أراني نقص عقلي

وإذا ما ازددتُ علماً ... زادني علماً بجهلي

لكم جميعاً التحية ...

ـ[أبو سارة]ــــــــ[24 - 06 - 2005, 06:48 م]ـ

جزاك الله خيرا أستاذي الكريم، وأحبك الله الذي أحببتني فيه.

والأستاذ خزانة الأدب، أخ عزيز أتمنى له كل الخير والتوفيق.

بالنسبة " للزلات اللغوية " حدث ولاحرج 0

والجواب عن هذا الأمر طويل جدا، وقد تعذرني حينما تعلم أني من القائلين بأن: الكتابة بالفصحى مع الخطأ، خير من الكتابة بالعامية الصحيحة!

وتخصصي العلمي بعيد كل البعد عن اللغة العربية، إلا أن عشقي لها كبير لايحد بحد! والحمد لله على كل حال.

وكما تفضلت فالعناية بصحة كتابة الحديث تتطلب عناية تامة،و"منفقا" حقها النصب ولكنه عدم التدقيق وهي العجلة كما تفضلت.

وجزاك الله عني كل خير وما أحوجني إلى هذه التصويبات النافعة.

أما جواب سؤالك الثاني،فأقول:

طريق طلب العلم معروف، وهو أن يكون على يد شيخ متمكن،لذا نجدهم يقولون: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه!

هذا في الكتاب!، فما بالك بالشبكة؟

لابد لطالب العلم من ثني الركب عند العلماء والصبر على ذلك، ولنا في سير الأولين عبرة،لذا نجدهم يقولون: من خدم المحابر خدمته المنابر.

وهذا العلم، سيكون بمثابة "قاعدة البيانات" التي يملكها المتعلم للتمييز بين الصحيح والفاسد من المسائل والأقوال،وحينها سيجد في المكتبة مايريد لأنه يملك أدوات البحث، وسيجد في الشبكة صيد وفير لمعلوماته،ويرى بعض طلبة العلم أن "ثورة الحاسوب" حلت محل الحفظ عند السابقين! فبضغطة "زر" تجد جملة محددة في كتاب مكون من عشر مجلدات،وهذه تقنية فائدتها كبيرة وإهمالها في عداد " التقصير".

أسعدتني معاتبتك ومشاغبتك، ما أجملها من مشاغبة.

هذا مالدي،قلته على عجل، وأسأل الله العصمة من الخطل والزلل.

والله تعالى أعلم وأحكم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير