تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} فدلت الآية على أن من حضر المنكر ولم يعرض عن أهله فهو مثلهم. فإذا كان الساكت عن المنكر مع القدرة على الإنكار أو المفارقة مثل من فعله، فالأمر بالمنكر أو الراضي به يكون أعظم جرما من الساكت، وأسوأ حالا، وأحق بأن يكون مثل من فعله. والأدلة في هذا المعنى كثيرة يجدها من طلبها في مظانها.

وبما ذكرناه في هذا الجواب من الأحاديث وكلام أهل العلم يتبين لمريد الحق أن توسع الناس في تصوير ذوات الأرواح في الكتب والمجلات والجرائد والرسائل خطأ بين ومعصية ظاهرة يجب على من نصح نفسه الحذر منها وتحذير إخوانه من ذلك، بعد التوبة النصوح مما قد سلف.

ويتبين له أيضا مما سلف من الأدلة أنه لا يجوز بقاء هذه التصاوير المشار إليها على حالها بل يجب قطع رأسها أو طمسها ما لم تكن في بساط ونحوه مما يداس ويمتهن فإنه لا بأس بتركها على حالها كما تقدم الدليل على ذلك في أحاديث عائشة وأبي هريرة، وأما اللعب المصورة على صورة شيء من ذوات الأرواح فقد اختلف العلماء في جواز اتخاذها للبنات وعدمه.

وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي يلعبن معي

قال الحافظ في الفتح: (استدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض، ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن، قال: وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وإليه مال ابن بطال، وحكى عن ابن أبي زيد عن مالك أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ.

وقد ترجم ابن حبان: " الإباحة لصغار النساء اللعب باللعب " وترجم له النسائي: " إباحة الرجل لزوجته اللعب بالبنات " فلم يقيد بالصغر، وفيه نظر.

قال البيهقي بعد تخريج الأحاديث: ثبت النهي عن اتخاذ الصور، فيحمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كانت قبل التحريم، وبه جزم ابن الجوزي. . . إلى أن قال: وأخرج أبو داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها، قالت: فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة - لعب- فقال " ما هذا يا عائشة "؟ قالت بناتي قالت ورأى فيها فرسا مربوطا له جناحان فقال " ما هذا "؟ قلت فرس له جناحان قلت ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك. . . إلى أن قال: قال الخطابي: في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد، وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغة.

قلت: وفي الجزم به نظر، لكنه محتمل. لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة، إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها، وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعا، فيترجح رواية من قال: " في خيبر " ويجمع بما قال الخطابي؛ لأن ذلك أولى من التعارض). انتهى المقصود من كلام الحافظ.

إذا عرفت ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى فالأحوط ترك اتخاذ اللعب المصورة. لأن في حلها شكا لاحتمال أن يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة على اتخاذ اللعب المصورة قبل الأمر بطمس الصور، فيكون ذلك منسوخا بالأحاديث التي فيها الأمر بمحو الصور وطمسها إلا ما قطع رأسه أو كان ممتهنا كما ذهب إليه البيهقي وابن الجوزي، ومال إليه ابن بطال، ويحتمل أنها مخصوصة من النهي كما قاله الجمهور لمصلحة التمرين، ولأن في لعب البنات بها نوع امتهان، ومع الاحتمال المذكور والشك في حلها يكون الأحوط تركها، وتمرين البنات بلعب غير مصورة حسما لمادة بقاء الصور المجسدة، وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقوله في حديث النعمان بن بشير المخرج في الصحيحين مرفوعا: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه "، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

من موقع العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى -.

http://www.binbaz.org.sa/

ـ[البصري]ــــــــ[05 - 06 - 2005, 11:30 ص]ـ

جزاك الله خيرًا وأجزل لك الثواب ـ أختنا الكريمة سمط اللآلئ ـ على هذا النقل الموفق لهذه الفتوى الرصينة، التي قد أتت على ما في قلب طالب الحق من تساؤلات.

ولا يسعنا بعد قراءته إلا أن نقول: ليس بعد العلم إلا العمل. " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك "

وأرجع وأقول: إن المؤمن التقي يترك كثيرًا مما لا بأس به حذرًا من الوقوع مما به بأس، ومن فعل هذا على سبيل التورع، فيوشك أن ينجو بإذن الله، واما من وقع في المشتبهات، وتهاون بالمكروهات، فيوشك أن يقع في المحرمات الواضحات يومًا ما.

والحقيقة أن من يقرأ كل هذه الأحاديث التي أوردها سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز ـ رحمه الله ت ويتفهمها جيدًا ويتدبرها، فلا أراه مقدمًا على التصوير بأي أنواعه، ولا بد أن يتحرك قلبه قبل ذلك ويرجف فؤاده، فماذا بعد اللعن والطرد من رحمة الله؟ وأي وعيد أشد من أن يكلف الإنسان يوم القيامة ما لا يطيقه ولو اجتمعت لو قوة الخلق كلهم؟

وأي بركة تكون في بيت لا تدخله ملائكة الرحمن، وهب التي تدخل بالرحمة والخير والبركة؟

أسأل الله أن يرزقنا خشيته والخوف منه، إنه سميع مجيب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير