ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[19 - 06 - 2005, 05:02 ص]ـ
غفرالله لكما، غفر الله لكما ...
أخي / الطائي
قد أنزلتَني منزلة لا أستحقها، وبوَّأتَني مكانة لا أصل إليها، ولست لها بأهل؛ فأين أنا مما ذكرتَ؟!!
لا أقولُ ذلك تواضعا، ولكنها كلمة حقٍّ، وأنا أعرف بنفسي – عفا الله عنك -.
وأحيي فيك حرصك على العلم، والسؤال، لكنْ: قد أخطأتَ حين سألتَ من أحاط بها الجهل إحاطةَ السوار بالمعصم، والله المستعان.
أخي / باوزير
قد حدتَ عن الصواب فيما قلت – عفا الله عنك -؛ فلست من أهل العلم، فضلا عن أكون أعلم منك، أو لي الأهلية أن أعقب على ما ذكرت.
أعترف بأني أحسن شيئا يحسنه الجميع؛ ألا وهو: النقل، أما العلم؛ فأنا أبعد الناس عنه، وإن كنت أحبه (أحب الصالحين ولست منهم).
أسأل الله تعالى أن يغفرلي ولكما.
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[19 - 06 - 2005, 05:03 ص]ـ
العمل بالحديث الضعيف
اختلف العلماء في مسألة العمل بالحديث الضعيف إلى ثلاثة أقوال:
* القول الأول: لا يعمل بالضعيف مطلقا، لا في الفضائل، ولا في غيرها كالأحكام، وهو مذهب ابن معين، وأبي بكر بن العربي، والبخاري، ومسلم، وابن حزم، وظاهر قول ابن حبان.
* القول الثاني: أنه يعمل به مطلقا، وعزي ذلك إلى الإمام أحمد، وأبي داود، وغيرهما.
* القول الثالث: أنه يعمل بالضعيف في الفضائل، بشروط معينة، لا مطلقا، وهي:
1 - أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين، والمتهمين، ومن فحش غلطه.
2 - أن يكون مدرجا تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع، بحيث لا يكون له أصل أصلا.
3 - أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – ما لم يقله.
وقد ناقش العلماء هذه الشروط؛ فهي غير مسلَّمة؛ لأنها صعبة المنال، ويصعب تحقيقها، وضبطها والعمل بها على وجهها.
ولن أطيل في عرض تلك المناقشة؛ فذاك له موضعه في كتب أهل العلم، وهي مبسوطة فيها لمن أراد الاستزادة.
والذي يهمنا هنا هو القول الراجح في المسألة؛ فالراجح – والله أعلم – أنه لا يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة مطلقا، ولا روايتها أمام الناس، والعوام خاصة، وذلك للأسباب التالية:
1 - أن في هذا نشرا للأحاديث الضعيفة؛ لأن العوام لا يفهمون الشروط المذكورة لرواية الضعيف، كما أنهم لا يدركون تصريح الناقل للضعيف عقيب روايته له بقوله: وهذا حديث ضعيف، أو رُوي كذا وكذا.
2 - أن الأحاديث الصحيحة الواردة في الترغيب والترهيب كثيرة – ولله الحمد -؛ وفي الصحيح غنية عن الضعيف، وكفاية.
3 - أن نشر مثل هذه الأحاديث الضعيفة يفتح بابا - يصعب إغلاقه – لنشر البدع، والأمور المحدثات.
وهذا الترجيح هو ظاهر رأي ابن حبان، وهو مذهب ابن معين، والبخاري، ومسلم، وأبي بكر بن العربي، وابن حزم، والشوكاني، وأحمد شاكر، والألباني – رحمهم الله جميعا -.
قال العلامة أحمد شاكر – رحمه الله -:
" والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب في كل حال؛ لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح، خصوصا إذا كان الناقل له من علماء الحديث الذين يرجع إلى قوله في ذلك، وأنه لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من حديث صحيح أو حسن ".
وقال العلامة الألباني – رحمه الله -:
" وهذا الذي أدين الله به، وأدعو الناس إليه: أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا، لا في الفضائل والمستحبات، ولا في غيرها؛ ذلك لأن الحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح بلا خلاف أعرفه بين العلماء، وإذا كان كذلك؛ فكيف يقال بجواز العمل به، والله - عز وجل – قد ذمه في غير ما آية من كتابه، فقال: {إن الظن لا يُغني من الحَقِّ شيئا} [النجم: 28]، وقال: {إن يتَّبِعونَ إلا الظنَّ} [النجم: 23]، وقال رسول الله – صلى الله عيه وسلم -: " إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث " أخرجه البخاري ومسلم " اهـ.
(ملخصا من مقدمة " تحذير الخلان من رواية الأحاديث الضعيفة حول رمضان " للشيخ أبي عمر عبد الله محمد الحمادي. وكثير مما أورده حول المسألة مستفاد من مقدمة " صحيح الجامع "، ومقدمة " صحيح الترغيب والترهيب "، وكلاهما للعلامة الألباني – رحمه الله -).
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وسلم.
ـ[باوزير]ــــــــ[19 - 06 - 2005, 12:45 م]ـ
هنا ملاحظة لا بد من ذكرها حتى نضبط هذه المسألة:
النقل عن الإمام أحمد وأبي داود وغيرهم من السلف أنهم يعملون بالحديث الضعيف هذا خطأه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وسأنقل كلامه:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى 18/ 23 - 24: وأما قسمة الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف فهذا أول من عرف أنه قسمه هذه القسمة أبو عيسى الترمذي ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله ... وأما من قبل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف والضعيف عندهم نوعان: ضعيف ضعفا لا يمتنع من العمل به وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي وضعيف ضعفا يوجب تركه وهو الواهي ... )
وقال في ص 249 منه: (ولهذا يوجد في كلام احمد وغيره من الفقهاء أنهم يحتجون بالحديث الضعيف .. ) وفسر ذلك في 1/ 251 (ومن نقل عن احمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن فقد غلط عليه، ولكن كان في عرف احمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين صحيح وضعيف، والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به وإلى ضعيف حسن .. )