تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكم مرّ عليّ من المشايخ من لو شاء رجل أن يكذّبه لاستطاع بكل سهولة، ومرّ علي من المشايخ من يذكر الرواية ثم ينفيها عندما يشتهر أمره، ومنهم من حدّث ونسي، وكم مرّ عليّ من يهم ويتلقن ولا يضبط، ولكن حتى أولئك أمكن -في جملة منهم- بتتبع الأصول وطول المساءلة والمحاققة تمييز ما يثبت لهم من عدمه، فما ثبت اكتُفي به، وما لم يثبت يُترك حتى إن قيل: أثبته فلان أو نفاه فلان مما يُعلم عدم تحقيقهم لخصوص المسألة أو عمومها.

وكمثال: يُنظر صنيع السخاوي مع عبد الرحمن الفاقوسي في الضوء اللامع، فقد اكتفى بإثبات ما يصح له، وترك عداه، ولم يكذّب الشيخ في دعواه غير الثابت وما أهدره، فعلى هذا قس.

وبذلك أجيب عن قول شيخنا عبد الوكيل أحيانا إن فلانا وفلانا أجازوه، مثل أحمد شاكر والألباني ومحمد بن إبراهيم، فشيخنا قال ذلك أحيانا، وسمعته منه، وذكره في بعض إجازاته، ولكنه كان إذا روجع يرجع، وأكّد لي مراراً أنه متراجع عن ذلك، وهكذا في قصة لقاء أبيه لنذير حسين وأنه أجازه لما راجعتُه فيها صرّح بتوقفه عن الحكاية وتراجعه عنها، فلا يُؤاخذ بذلك، ولنا عبرة بصنيع الحفاظ مع سفيان بن وكيع لما ناصحوه عن وراقه، فلما أصر تركوه، وإلا فلو أنه رجع لراجعوه، من اللطائف أنهم دخلوا عليه بمدخل حق أبيه الإمام وكيع عليهم، وههنا الأمر متشابه في حق والده العلامة عبد الحق الهاشمي، وممن كان يراعيه سماحة الشيخ ابن باز، فقد تواصل مع أبنائه، وحرص على طبع كتب شيخه، وساعد بعض أبنائه، ودعا لهم الدعاء الكثير، كما يشاهد في مقدمته لاعتقاد الفرقة الناجية للشيخ عبد الحق.

وقد تعبتُ مع شيخنا الشيخ عبد الوكيل في كثرة الإلحاح عليه بالأسئلة في سفرات متعددة، وطالعت كثيرا من أصوله، حتى ثبت لي ما أثبتُّه له من مشايخه ومقروءاته في الموضوع المتقدم الإشارة إليه، وكما أن شيخنا كان يتردد في إثبات بعض المشايخ ممن لم يجيزوه: فقد كان ينفي إجازة أحد المشايخ له، وهو الشيخ أبو سعيد اللكنوي، ولكن رأيت عنده إجازته الخطية منه!

وكلامي كله منصب عن صحة رواية الشيخ وسماعه، وليس عن أي شيء آخر.

2) لا قياس بين صنيع العرب المتأخرين في الاهتمام بالسماع وبين الهنود، ويتفرع منه عدم ضرورة استغراب كثرة مقروءاتهم على مشايخهم، بل الشيخ عبد الحق أكثر قراءة على المشايخ من أولاده، والشيخ أبو تراب أكثر من بقية إخوانه، ومن المكثرين الذين لا يتطرق إليهم طعن شيخنا الحافظ ثناء الله بن عيسى خان المدني مفتي أهل الحديث في باكستان، الذي لازم شيخه الحافظ الروبري ثمان سنوات، ويقول: لم أترك كتابا مطبوعا في الحديث آنذاك إلا وقرأته عليه.

3) كلام مجيزنا الشيخ أبي تراب في أخيه ليس سراً، بيد أني لستُ أحتج بطعن الشيخ أبي تراب بأخيه الشيخ عبد الوكيل، ولا بالعكس، لأن بينهما خلاف كثير علمي وأُسَري (خاص) لا يحسن الخوض فيه، ولكن اضطررت للإشارة له لما رأيت بعض الأحبة احتج به، الحاصل أن الكلام بينهما يُطوى ولا يُروى، مع العلم أن قراءة أبي تراب على والده متقدمة على قراءة الشيخ عبد الوكيل، لفارق السن والإدراك، ولكن من ينفي بذلك كمن يأتي بكلام لأحد مشايخ الدلم ويأخذ منه أن فلانا من المشايخ لم يقرأ عند الشيخ ابن باز، وقراءة ذاك جاءت بعدُ في المدينة أو الرياض.

4) سألت الشيخ عبد العزيز الزهراني (وكنت بصحبة بعض المشايخ الأفاضل، وهم: فيصل العلي، وأنس العقيل، وهشام السعيد، وعبد الله العوبل، وباسل الرشود) كما سأله إخواني عن قراءته، فقال لي: سمعت الصحيحين على الشيخ عبد الحق جميعهما، وإن كان لي فوت في أحدهما فهو يسير جدا، (فهو يشك في أصل وجود الفوت)، وسألتُه عن التوحيد لابن خزيمة والأسماء والصفات والرسالة للشافعي فقال: لعلي ما أكملتها، بالإجمال، ولم أستفصل منه عن كل كتاب على حدة، ولكن الشاهد أنه قال: كان القارئ للدرس هو الشيخ عبد الوكيل، فإن كان سمع كل الكتاب ومعظمه بقراءة الشيخ عبد الوكيل فكيف تُنفى قراءته على أبيه؟ فضلا عن إثبات والده بخطه أنه أنهى قراءة مسند أحمد ودرس الستة وغيرها؟ وهذه كافية لإسقاط النزاع من أصله، فضلا عن رسالة الشيخ عبيد الله الرحماني الصريحة الواضحة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير