(1) العلم كالغيث والعلماء كالأرض الخصبة،روى البخاريُّ وغيره عن أبي موسى عنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بهِ مِنَ الهدى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضاً، فَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتِ الماء، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ؛ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا، وَسُقُوا، وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أخرى إنَّما هِيَ قِيَعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءَ، وَلا تُنْبِتُ كَلأً؛ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ.
(2) عن قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء وهو بدمشق فقال ما أقدمك يا أخي؟ فقال: حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: أما جئت لحاجة؟! قال: لا.
قال: أما قدمت لتجارة؟! قال: لا.
قال: ما جئت إلا في طلب هذا الحديث.
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر. [أخرجه الترمذي (2682)].
وفي الحديث أيضا يقول صلي الله عليه وسلم: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، وإن الله عز وجل وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
(3) أهل العلم هم أهل الخشية، قال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] وهذه الآية فيها وجوه من الدلائل على فضل العلم. أحدها: دلالتها على أمم من أهل الجنة وذلك لأن العلماء من أهل الخشية؛ ومن كان من أهل الخشية كان من أهل الجنة فالعلماء من أهل الجنة،فبيان أن العلماء من أهل الخشية قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء}،وبيان أن أهل الخشية من أهل الجنة قوله تعالى: {جزاءهم عند ربهم جنات عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار} [البينة: 8] إلى
قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ} ويدل عليه أيضاً قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ}
وقال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيزِيدُهُمْ خُشُوعًا " [الإسراء: 107 - 109]
ويدل عليه أيضاً قوله تعالى: «وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة» أخرجه _ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم يروي عن ربه جل وعلا _، ابن المبارك في الزهد (1/ 50، رقم 158) والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 482، رقم 777) وابن حبان (2/ 406، رقم 640) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2666).
وعن عائشة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل أوحى إلى أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة ومن سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة. وفضل في علم خير من فضل في عبادة وملاك الدين الورع. رواه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني في المشكاة (255).
وعنْ مَسْروقٍ، قال: «كفى بالمَرْءِ عَلْماً أنْ يخشَى اللَّهَ، وكفى بالمَرْءِ جهلاً أنْ يُعْجَب بعلْمه».
¥