(4) ما طلب الله تعالى من نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستزيد إلا من العلم، قال تعالى" وقل رب زدني علما " فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم.
(5) العلم يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة، قال تعالى {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة:11] وقال سبحانه: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أم هل تستوي الظلمات والنور} وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقدم عبد الله بن عباس على الصحابة، فكلموه في ذلك فدعاهم ودعاه، وسألهم عن تفسير (إذا جاء نصر الله والفتح) فسكتوا، فقال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه.
فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
وفي البخاري عن عبد الله ابن عباس قال: قدم عيينة ابن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا. الحديث.
وفي صحيح مسلم أن نافع بن عبد الحرث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملته على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى.
فقال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا.
قال: فاستخلفت عليهم مولى! قال: إنه قارئ لكتاب الله وإنه عالم بالفرائض.
قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين).
وفي الحديث: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى" أخرجه مسلم رقم (432).
(6) أهل العلم هم أهل الذكر الذين أمر الناس بسؤالهم عن عدم العلم قال الله تعالى: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) [النحل:43]
(7) أهل العلم هم أطباء الأمة الذين يداوون الأمة من أمراضها، فالجهل داء والعلم شفاء،وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإنما شفاء العي السؤال) [أخرجه أبو داود (336)].
وحسبنا من القول أن نقول إن الشيطان يفرح بموت العالم، نعم، لأن العالم اشد على الشيطان من ألف عابد وقيل في الحكاية أن الشيطان أتى عابداًُ ناسكاً زاهداً فقال له ترى هل يستطيع ربك أن يجعل كل هذا العالم في بيضه. فقال: لا أدرى. ثم أتى عالماً فسأله نفس السؤال؟ فقال له:إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) وأيضاً حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً فأراد أن يتوب، فسئل عن أعلم الناس، فدل على راهب، فذهب إليه فقال قتلت تسعة وتسعين نفساً هل لي من توبة، فقال لا فقام إليه فقتله فأكمل به المائة ثم سئل عن اعلم الناس، فدل على عالم، فأتاه فقال مئة نفس، فهل لي من توبة؟ فقال نعم: ومن يحجب عنك التوبة،اذهب إلي أرض كذا وكذا فا عبد الله معهم .... الخ الحديث.
والشاهد أن العابد – غير العالم – أتى من قبل جهله والعالم دله على الخير بعلمه، وهذا من فضل العلم
وعن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاثة أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه. قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوها. وأحدثكم حديثا
فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما، ولم يرزقه مالا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالا، ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل.وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء. [أخرجه الترمذي (2325) وقال: حسن صحيح].
فبان فضل العلم الذي وجه صاحبه إلى العمل الصالح والنية الصالحة.
¥