تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقيل: من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه.

الرحلة في طلب العلم:

هذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه، فابتعت بعيراً فشددت عليه رحلي وسرت شهراً حتى قدمت الشام فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت للبواب قل له جابر على الباب، فأتاه فقال له جابر بن عبد الله؟ فأتاني فقال لي فقلت نعم، فرجع فأخبره فقام يطأ ثوبه حتى لقيني فاعتقنني واعتنقته فقلت حديث بلغني عنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص ولم اسمعه فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن اسمعه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الله العباد – أو قال الناس – عراة غرلا بهماً، قلنا ما بهماً؟ قال ليس معهم شيء، ثم يناديهم ربهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل النار عنده مظلمة حتى أقصه منه حتى اللطمة قلنا كيف وإنما نأتي الله عراة غرلاً بهماً؟ قال بالحسنات والسيئات. رواه البيهقي في المدخل والخطيب في الجامع.

وفي الحديث عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال رضي الله عنه أسأله عن المسح على الخفين فقال ما جاء بك يا زر؟ فقلت ابتغاء العلم فقال أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب. ولهذا كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يعرفون فضل العلم، وفضل الرحلة في تحصيله.

وروى أيضاً من طريق عياش بن عباس واهب بن عبد الله المعافري قال: قدم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار على مسلمة بن مخلد فألقاه نائماً فقال أيقظوه قالوا بل نتركه حتى يستيقظ قال لست فاعلاً فأيقظوا مسلمة له فرحب به وقال انزل قال لا حتى ترسل إلى عقبه بن عامر لحاجة إليه فأرسل إلى عقبه فأتاه فقال: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من وجد مسلماً على عورة فستره فكأنما أحيا موءودة من قبرها،فقال عقبه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

فقد علم السلف فضل الرحلة في طلب العلم فهذا إبراهيم بن ادهم رحمه الله يقول إن الله ليدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث.

ويقول الإمام البخاري رحمه الله كنا ثلاثة أو أربعة على باب ابن عبد الله فقال إني لأرجو أن هذا تأويل الحديث (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم) إني لأرجو أن تأويل هذا الحديث أنتم لان التجار قد شغلوا أنفسهم بالتجارات وأهل الصنعة قد شغلوا أنفسهم بالصناعات والملك قد شغلوا أنفسهم بالمملكة أنتم تحيون سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: [وبيان من تشبه بهم وليس منهم، وقد بين الله هذا الأصل في أول سورة البقرة من قوله: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} [سورة البقرة، الآية: 40] إلى قوله: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين}، [سورة البقرة، الآية: 47].]

وهؤلاء الذين لبسوا ثياب العلماء وليسوا منهم، فلم يطلبوا العلم من مظانه، ولم يجالسوا العلماء ليتعلموا، ولم يرحلوا في طلب العلم، ولهذا لم يقدروا العلم وأهله، فهؤلاء الذين يلبسون الحق بالباطل، ويكتمون الحق وهم يعلمون، وفيهم شبه لليهود الذين علموا الحق وقالوا بخلافه، قال تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) يَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير