وكان يرى كراء الأرض بجزء ما يخرج منها على مذهب الليث، وقال: هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان يأتي الجامع يوم الجمعة راجلا متعمما،
وحكي عنه أنه قال: أخذت بركات الليث بن سعد، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال: دعه، وقال لي: خدمك أهل العلم، فلم تزل بى الأيام حتى رأيت ذلك،
وتوفى رضي الله عنه في رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين،وقبره بمقبرة ابن عياش يستسقى به، وهذه المقبرة بظاهر قرطبة،
زاد الحميدى فقال: كانت وفاته لثمان بقين من الشهر المذكور، وقيل: توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، والمشهور الأول،
ـ[حمادى محمد بوزيد]ــــــــ[26 - 12 - 09, 02:39 ص]ـ
الخاتمة
وفيها مسائل
الأولى: في نبذة لطيفة مما يتعلق بعلم مصطلح الحديث، وخصوصا ماله إلمام بالكتاب،
إن أهل علم الحديث قسموا السنن المضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قولا، وفعلا، وتقريرا، وصفة، إلى أقسام، وسموها بألقاب تناهز الأربعين،، بل ما يقرب من السبعين،
فقد قال العلامة المرتضى في ألفيته ما نصه:
علم الحديث بفنون يشتمل وكل نوع منه علم مستقل
وقابل لصنعة التنويع وكل أصل منه ذو تنويع
لو أنفق الطالب فيه عمره لم يحصه وقد عرته البهره
لكن من المشهور في الألفاظ خمس وستون لدى الحفاظ
فانظر كتاب الحازمى فيه وابن الصلاح جمعه يليه
والمقصود منها ها هنا ما يتعلق بخصوص الكتاب من متن، وإسناد، ومسند، ومرفوع، ومتواتر، ومشهور، وصحيح، وحسن، وضعيف، وموقوف، ومقطوع، ومنقطع، ومعلق، واعتبار، وفرد، ومتابعة، وشاهد،
فالإسناد: رفع الحديث إلى قائله، والسند الإخبار عن طريق المتن، وقد أحسن تعاريفها في الألفية المذكورة قائلا:
وقل لألفاظ الحديث المتن بها لدى الرد يقوم المعنى
والرفع للقائل فالإسناد وهكذا عرفه النقاد
والسند الإخبار عن طريق متن وذا فرق على التحقيق
وقيل بل هما لشيء واحد تقاربا معنى بوصف شاهد
والمرفوع: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، ا فعل، أتقرير، متصلا كان او منقطعا،
والمتواتر: الذي يرويه عدد تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، من ابتدائه إلى انتهائه، ويضاف لذلك أن يصحب خبرهم إفادته العلم الضروري لسامعه، كحديث (من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)، فنقل النووي أنه جاء عن مائتين من الصحابة،
والمشهور: هو أول أقسام الآحاد، وهو: ماله طرق محصورة بأكثر من اثنين، كحديث (إنما الأعمال بالنيات)، لكنه إنما طرأت له الشهرة من يحي بن سعيد، وأول إسناده فرد، وهو ملحق بالتواتر عندهم، إلا أنه يفيد العلم النظري،
والصحيح هو: ما اتصل إسناده بنقل العدل الضابط، وسلم من الشذوذ والعلة القادحة،
والشذوذ: أن يخالف الثقة من هو أرجح منه حفظا أو عددا مخالفة لايمكن الجمع معها،
والعلة القادحة: أ يكون في إسناده علة خفية، يكون بها ضعيفا، واليه أشار في التبصرة بقوله:
وأهل هذا الشأن قسموا السنن إلى صحيح وضعيف وحسن
والصحيح المتصل الإسناد بنقل عدل ضابط الفؤاد
عن مثله من غير ما شذوذ وعلة قادحة فتؤذى
والحسن: ما اتصل إسناده، وعرف مخرجه، واشتهرت رجاله بالعدالة والضبط المنحطة عن رجال الصحيح، واليه أشار في التبصرة بقوله:
والحسن المعروف مخرجا وقد اشتهرت رجاله بذاك حد
ومعرفة مخرجه ككونه حجازيا، شاميا، عراقيا، مكيا، وكوفيا، كأن يكون الحديث عن راو قد اشتهر بروايته أهل بلده، كقتادة في البصريين، فان حديث البصريين إذا جاء عن قتادة ونحوه، كان مخرجه معروفا، بخلافه عن غيرهم،
ولو قيل: هذا حديث حين الإسناد، أو صحيح، فهو دون قوله: حديث حسن صحيح، أو حديث حسن، لأنه قد يصح، أو يحسن الإسناد، لاتصاله، وثقة رواته وضبطهم دون المتن لشذوذ أو علة، وما قيل فيه: حسن صحيح، أي صح بإسناده، وحسن بآخره،
والضعيف: ما قصر عن درجة الحسن، وتتفاوت درجاته في الضعف بحسب بعده عن شروط الصحة إلى نحو الخمسين، واليه أشار في التبصرة بقوله:
أما الضعيف فهو مالم يبلغ مرتبة الحسن وان بسط بغ
ففاقد شرط فبول قسم واثنين قسم غيره وضم
سواهما فثالث وهكذا وعد لشرط غير مبد وكذا
قسم سواها ثم زد غير الذي قدمته ثم على ذا فاحتذى
وعده البستىّ فيما أوعى لتسعة وأربعين نوعا
¥