تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد ذكر الإمام البخاري في صحيحه ـ أنَّ من معاني العالم (الرباني): (هو الذي يربِّي الناس بصغار العلم قبل كباره) [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn3) ، وصدق من قال: (غذاء الكبار سم الصغار) أي: لو أن رضيعاً أعطيته قطعة من اللحم فإنه سيختنق بها وقد تؤدِّي إلى قتله، وكذلك المبتدئ في العلم لو أعطيته مسألة كبيرة وضخمة فإنها تؤذيه!

لقد استغربت كثيراً حين حدَّثني أحد من أعرفهم بالهمَّة في طلب العلم وقد قارب الخمسين سنة قائلاً لي: لقد مكثت عند شيخ من أشياخي يشرح لي أنا ومجموعة من طلبة العلم صحيح مسلم، قرابة ثلاثين سنة.

نعم! إنَّها همَّة محمودة وممدوحة من ذلك الطالب الذي صبر طوال هذه المدَّة، ولكن أليس هذا ـ أيها النجباء الفطناء ـ استهلاك لوقت طويل للغاية، وكان بإمكان ذلك الشيخ أن يشرح صحيح مسلم ـ على أكثر تقدير ـ بخمس سنين، وأن يقوم بشرح كتب أخرى في علم الحديث أو غيره ويفيد طلاَّب العلم، بدلاً من تلك السنوات الطوال! ومن كان من طلاَّبه ذا همَّة فسيرجع لأمَّهات [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn4) الكتب وشروحها ويقوم بجردها قراءة وفهماً، أو على الأقل يبحث فيما أشكل عليه من مسائل متعلِّقة بشرح ذلك الكتاب!

ولهذا نلاحظ أنَّ الوجوه في تلك الدروس تتغيَّر، وأناس تموت وأناس تحيا خلال ثلاثين سنة، والعلم كثير والعمر قصير، والمرء بحاجة لأن يُوَسِّعَ دوائر العلم والمعرفة لديه، ولا يقتصر في زمن معيَّن على بضعة كتب شرحاً وتفصيلاً وتدليلاً؛ وخصوصاً إن كان طالب العلم رجلاً مهتماً بالعلم ويأخذ من كل علم بطرف إلى جانب تخصُّضه.

* الأسباب القائدة إلى تلك المنهجيَّة:

حين أتأمَّل في تلك الطريقة والمنهجيَّة الطويلة والمغرقة في جزئيات دقيقة من مسائل العلم التي لا يحتاجها طالب علم مبتدئ أو متوسط في التحصيل ـ أجد أنَّ من أهمِّ أسباب تلك الطريقة وجود شريحة كبيرة ممَّن يقومون بشرح العلم من المبتدئين في التعليم، أو لِنَقُلْ: المشايخ والعلماء الشباب ـ حفظهم الله ـ فيكثر العديد منهم من تلك المنهجيَّة، وكان الأولى لهم أن يقتصروا على ما يعقله طالب العلم أمامهم.

وقد نبَّه إلى هذا الشيخ الإمام محمد الطاهر بن عاشور فقال:"يعرض كثيراً لمن اتَّسعت معلوماتهم من المتصدِّرين للتدريس في مبدأ تصدُّرهم؛ فيدفعهم حبُّ إظهار ما لهم من المزيَّة، ثمَّ لا يلبث أن يستيقظ من بهجته ويصير إلى وضع المقادير في نصابها" ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn5)).

ومن الأسباب المهمَّة في ذلك ـ ولنكن صرحاء ـ أنَّ بعض أهل العلم الكرام ـ حفظهم الله ـ يقومون بالتحضير الجيد والنافع في شرح الكتاب المراد شرحه لطلاَّب العلم، ويجمع قدراً كبيراً، وكمَّاً هائلاً من مسائل العلم، وحين شرح الكتاب يجد أنَّه يجب أن يقول كلَّ ما جمعه من مسائل العلم فيطول الشرح لذاك الكتاب؛ لأنَّ الشيخ يجد حسرة حين يجمع تلك المعلومات ثمَّ يقول نصفها أو أقلَّ منها لطلاَّب العلم، وكان في ـ تقديري الشخصي ـ أن يدوِّن هذه المسائل التي جمعها، ويهتم بمراجعتها، وحين سؤال أو استفسار أحد طلبة العلم عن مسألة لم يشرحها الشيخ يكون للشيخ جوابه الواضح والجميل على تلك المسألة؛ لأنَّ تحضيره كان موسَّعاً لطلاَّب العلم، وأذكر أن بعض شيوخي الكبار ـ جزاهم الله خيراً ـ كانوا يقولون لي: إنَّ هناك حلقات علميَّة تضطرنا اضطراراً لكي نحضِّر تحضيراً قوياً للمسائل العلميَّة لوجود طلاَّب علم نجباء قد يسألون عن مسألة مشكلة متعلِّقة بموضوع الدرس المشروح، وهو ما يؤدي إلى أن نقلِّب صفحات الكتب التي تحدَّثت عن هذه المسائل ونحشد لها كمَّاً هائلاً من المعلومات، حتى إذا سئلنا من قِبَلِ الطلاَّب كان لدينا الجواب فكان طلاّبنا يحفِّزوننا لمراجعة كتب العلم لجديَّتهم.

* نماذج معاصرة حبَّذا لو يُستفاد من منهجيتها في التعليم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير