الاستقلال الطاقوي الأميركي فكرة غير قابلة للتطبيق, ويدعو في المقابل الى التعاون الدولي. فالولايات المتحدة, التي تستهلك 20 مليون برميل نفط يومياً, تنتج ربع هذه الكمية فقط محلياً وتستورد البقية. وتبتلع وسائل النقل ثلثي استهلاك أميركا من النفط.
الحوافز التشجيعية واعانات الدعم لانتاج مصادر طاقة بديلة تراجعت في أنحاء العالم المتقدم, مع استثناءات قليلة هي اليابان وألمانيا والدنمارك وبضعة بلدان أخرى. لذلك, ربما, يصدّر معظم تجهيزات الطاقة الشمسية المصنوعة في الولايات المتحدة الى ألمانيا واليابان.
في الولايات المتحدة, يبلغ معدل الضريبة الاجمالية على الغاز 25 في المئة, بالمقارنة مع 50 في المئة في اليابان وأكثر من 70 في المئة في أوروبا الغربية. وهذا يفسر لماذا يستهلك الفرد الأميركي ضعفي الطاقة التي يستهلكها الفرد الأوروبي. وضرائب البنزين العالية في أوروبا تشجع على الاقتصاد بالطاقة, لكنها أيضاً ثالث أو رابع أكبر مصدر عائدات لمعظم الحكومات الأوروبية. وهذا حافز للحفاظ على الوضع الراهن للوقود الأحفوري, لأن تحولاً الى بدائل أنظف سيخفض الدخل الضريبي ويزيد الانفاق على دعم التحول.
أما اذا كان السياسيون جديين في تقليل الاعتماد على النفط, فان ثمة حلولاً في متناول اليد: خليط من الزيادات الضريبية على المنتجات النفطية, ومقاييس للمسافات والانبعاثات أكثر تشدداً تفرض على مصنعي السيارات, وحوافز تشجيعية للتخلي عن السيارات القديمة وشراء سيارات جديدة أنظف. فقطاع النقل أمر حاسم, اذ سيكون مسؤولاً عن قرابة 80 في المئة من نمو الاستهلاك النفطي العالمي خلال السنوات الـ25 المقبلة.
ويبين التاريخ أن صانعي السياسة يضعون السعر والوفرة قبل المخاوف الاجتماعية والبيئية. والمؤشرات كثيرة حول العودة الحماسية الى مصادر الطاقة المثيرة للجدل بيئياً, ولا سيما الفحم والطاقة النووية والسدود المائية الكبيرة. فالوقود النووي يمكن تخزينه بكفاءة كبيرة, والفحم يوجد بكثرة في جميع القارات, والطاقة المائية مصدر محلي. وتخطط الصين لزيادة توليد الطاقة النووية من 1,5 في المئة حالياً الى 4 في المئة سنة 2020. وأكدت شركة الطاقة التي تديرها الحكومة الفرنسية EdF من جديد التزامها بناء نموذج للمفاعل الأوروبي الذي يعمل بالماء المضغوط. والخطط لبناء سد اينغا الكبير لانتاج الطاقة على نهر الكونغو تعكس إحياء الاهتمام العالمي بالمشاريع المائية الكبرى.
طاقة الرياح هي الاقرب الى التكافؤ مع أسعار الطاقة التقليدية. فقد كلف توليد الطاقة من الفحم أو الغاز في السنوات الثلاثين الماضية قرابة 2,5 سنت لكل كيلوواط ساعي في المتوسط. وفي المقابل, تكلف طاقة الرياح الآن أقل من 4 سنتات لكل كيلوواط ساعي, في مقابل 10 سنتات عام 1980. وكلف انتاج كيلوواط ساعي من الطاقة الشمسية في العام 1980 دولاراً واحداً, وهو يكلف الآن ما بين 20 و25 سنتاً. ويتوقع, بحلول سنة 2010, أن تصبح كلفة الكيلوواط من طاقة الرياح بين 2 و4 سنت, ومن الطاقة الشمسية بين 10 و25 سنتاً, ومن حرارة جوف الأرض والكتلة الحيوية بين 2 و3 سنت.
ومعدل سعر الطاقة بالتجزئة من مصادر تقليدية هو 8 سنتات لكل كيلوواط ساعي في الولايات المتحدة, وهو أدنى بكثير من الاسعار في أوروبا. وبحسب وزارة الطاقة الاميركية, بلغت الكلفة عام 1999 في ألمانيا 15,2 سنت, وفي اليابان 21,2 سنت, وفي بريطانيا 11,7 سنت, وفي الدنمارك 20,7 سنت, وفي فرنسا بلغ 12,9 سنت في العام 1998. فلا عجب ان البلدان التي تشهد ارتفاعاً في تكاليف الطاقة كانت أكثر تلهفاً لتبني تكنولوجيات بديلة.
انديرا غاندي, رئيسة وزراء الهند الراحلة, دعت الفقر "الملوث المطلق", فاذا كانت مصادر الطاقة القذرة هي كل ما يملكه الناس, فهي ما سيحرقون. الوفرة والكلفة أولويتان في السياسة الاقتصادية, وعلى البيئيين أن يضعوهما في صدارة حساباتهم للوصول الى نتيجة عملية. فعلى رغم ارتفاع أسعار النفط الى أرقام قياسية, ما زالت مصادر الطاقة النظيفة بلا جدوى اقتصادية لتحل مكان النفط. وهذا ما يجعل خبراء كثيرين يتحدثون عن تطوير اقتصاد هجين, يقوم على تنمية الطاقات المتجددة مع استهلاك أقل وأكثر كفاءة للوقود الأحفوري.
ـ[أبو عبيد السلفي]ــــــــ[14 - 02 - 08, 11:58 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[17 - 02 - 08, 12:30 ص]ـ
و اياكم اخي الكريم
بارك الله فيك