تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بيان معنى (الخواطر) عند الإطلاق.]

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[04 - 02 - 08, 10:47 م]ـ

قال الزبيدي: (الخاطر) ما يخطر في القلب من تدبير، أو أمر، جمعه: الخواطر.

وإلى هذا المعنى أشار الزمخشري فقال: الخواطر: ما يتحرك بالقلب من رأي أو معنى.

- وهذه المعاني فيها دلالة واضحة لمعنى (الخواطر) المتداول عند العلماء في كتبهم المصنفة

وهذا ما سوف نلحظه بعد قليل من خلال النقول الثابتة عنهم.

استخدام معنى الخواطر عند العلماء ومشتقاتها:

يقول الوفاء ابن عقيل في مقدمة كتابه "الفنون": أما بعد فإن خير ما قطع به الوقت، وشغلت به النفس، فتُقرِب به إلى الرب جلّت عظمته: طلب علم أخرج من ظلمة الجهل إلى نور الشرع، وذلك الذي شغلتُ به نفسي، وقطعت به وقتي. فما أزال أعلق ما أستفيده من ألفاظ العلماء، ومن بطون الصحائف، ومن صيد الخاطر التي نثرتها المناظرات، والمقابسات في مجالس العلماء، ومجامع الفضلاء، طمعا في أن يعلق بي طرف من الفضل، أبعُدُ به عن الجهل، لعلي أصل إلى بعضِ ما وصل إليه الرجال قبلي .... الخ.

ويقول الوفاء ابن عقيل أيضا: إني لا يحل لي أن أضيّع ساعة من عمري، حتى إذا تعطلّ لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ..... الخ.

يقول ابن رجب عن كتاب "الفنون": أكبر تصانيف ابن عقيل كتاب "الفنون" وهو كتاب كبير جداً. فيه فوائد كثيرة جليلة في الوعظ والتفسير والفقه والأصلين والنحو واللغة والتاريخ والحكايات، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له، وخواطره ونتائج فكره قيّدها فيه.

يقول ابن الجوزي: لما كانت الخواطر تجول في تَصفّح أشياء تَعرض لها، ثم تُعرض عنها فتذهب، كان من أولى الأمور حفظ ما يخر لكيلا ينسى. وقد قال عليه الصلاة والسلام ((قيدوا العلم بالكتابة)) – الحديث موقوف على أنس- وكم قد خطر لي شيء، فأتشاغل عن إثباته فيذهب، فأتأسف عليه. ورأيت نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكر، سنح له من عجائب الغيب، ما لم يكن في حساب فانثال –تتابع- عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز التفريط فيه، فجعلت هذا الكتاب قيداً، لصيد الخاطر. والله ولي النفع إنه قريب مجيب.

يقول ابن القيم رحمه الله: فهذا ما في هذه المسألة المشكِلَة من الأسئلة والمباحث، علقتها صيد السوانح الخاطر فيها، خشية ألا يعود فليسامح الناظر فيها، فإنها عُلقت على حين بعدي من كتبي وعدم تمكني من مراجعتها. وهكذا غالب هذا التعليق، إنما هو صيد خاطر. والله المستعان.

يقول علي الطنطاوي –رحمه الله- عن كتاب صيد الخاطر: وفي هذا الاسم توفيق عجيب: ذلك أن الخواطر لا تفتأ تمر على الذهن، كأنها الطيور التي تجوز سماء الحقل، تراها لحظة ثم تفقدها، كأنك ما رأيتها، فإذا أنت اصطدتها وقيدتها ملكتها أبداً.

ولو أن كل عالم، بل لو أن كل متعلم قيد ما يمر بذهنه من الخواطر لكان من ذلك ثروة له وللناس: يعود هو بعد سنين إلى ما كتب، فيرى فيه تاريخ تفكيره، ويجد فيه ما افتقد من نفسه. والإنسان أبداً في تبدل، يذهب منه شخص ويولد شخص، وحينما تقرأ وأنت شيخ خواطرك التي سجلتها وأنت شاب تجد شيئا غربيا عنك، كأنك ما كنت أنت صاحبه، وكأنه خطر على بال غيرك.

يقول الدكتور / عبد الرحمن البر–ممن حقق صيد الخاطر-: شأن الخواطر ألا ترتبط بموضوع معين، ولا بترتيب معين، وأن تأتي متفرقة حسبما يتسق في الخاطر، وحسبما تكون حالة الكاتب النفسية، وأنها في كل موضوعاتها تنضح بفكر كاتبها وثقافته وطريقته في النظر والتعامل مع الأشياء والأشخاص.

ومن أهم دلالات الخواطر أنها تعطي صورة صادقة وصحيحة للعصر والزمان والأحداث التي عايشها – صاحبها -.

نتائج من خلال ما سبق:

ظهر مما سبق أن معنى الخواطر عند العلماء موحّد لا يتجاوز المعنى اللغوي من جهة المقصود. فالخواطر: مفردها الخاطر: وهو ما يخطر في القلب من تدبير أمر، فيقال خطر ببالي وعلى بالي. كما ذكر الفيومي في المصباح.

من هذا المعنى اللغوي ذكر العلماء أن الخواطر: هي اقتناص بنات الأفكار، وتسجيل الإلمعات الذهنية، فهي إذاً: نابغة من شغاف القلب، وأعماق الروح، وخلجات المشاعر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير