تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحسد .. الداء العضال ..]

ـ[أبو هيثم المكي]ــــــــ[01 - 05 - 09, 04:40 ص]ـ

[الحسد .. الداء العضال ..]

تعريف الحسد:

قال ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد: "أصل الحسد هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها".اهـ

عن الزبير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم قبلكم, الحسد و البغضاء, هي الحالقة, حالقة الدين لا حالقة الشعر, والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم".

صحيح الترمذي.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعان في النار مسلم قتل كافرا ثم سدد و قارب و لا يجتمعان في جوف مؤمن غبار في سبيل الله و فيح جهنم, و لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد".

صحيح الجامع.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " سصيب أمتي داء الأمم. فقالوا: يا رسول الله! وما داء الأمم؟ قال: الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي".

السلسلة الصحيحة

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).

ويذكر العلماء أن مراتب الحسد أربعة وهي:

الأولى: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه ولو لم تنتقل للحاسد.

الثانية: تمني زوال النعمة عن المنعم عليه وحصوله عليها.

الثالثة: تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما، فإذا لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه.

الرابعة: حسد الغبطة ويسمى حسداً مجازاً وهو تمني حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه من غير أن تزول عنه.

روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا حَسَدَ إلا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمل.

وهذا ما يسمى بالغبطة, فهي تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط, وهو غير مذموم.

ومن أجمل ما قرأت في وصف الحسد, قول الجاحظ:

الحسد أبقاك الله داء ينهك الجسد علاجه عسير وصاحبه ضجر وهو باب غامض وما ظهر منه فلا يداوى وما بطن منه فمداويه في عناء ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء".

الحسد عقيدة الكفر وحليف الباطل وضد الحق منه تتولد العداوة وهو سبب كل قطيعة ومفرق كل جماعة وقاطع كل رحم بين الأقرباء ومحدث التفرق بين القرناء وملقح الشر بين الحلفاء".اهـ

قلت: مصداق ذلك ما حصل لنبي الله يوسف عليه السلام, حيث قالوا (لَيوسف وأخوه أحب إلى أبينا منّا ونحن عصبة إنَّ أبانا لفي ضلال مبين) الآية.

فحسدوه على تفضيل يعقوب عليه السلام ليوسف وحبه له, ولهذا قال يعقوب عليه السلام لابنه يوسف: (لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدو مبين) الآية.

ومع ذلك كان منهم ما كان من الكيد له, وإرادة قتله, ثم إلقاءه في غياهب الجب, حتى عانى أشد المعاناة وصار مملوكا لقوم كفار, وحصل له ما حصل, وكل ذلك ما آل إليه الحسد ..

قيل للحسن البصري: أيحسِد المؤمن؟ فقال: "ما أنساك إخوة يوسف لا أبا لك؟! ولكن غمه في صدرك فإنه لايضرك ما لم تعد به يداً ولساناً".

وكم ضل أناس وأمم وصدوا عن الحق وارتضوا الكفر حسدا منهم وبغضا.

قال الله تعالى في حق اليهود: (ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمنكم كفرا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) الآية.

وكذلك في الآية الأخرى (أم يحسدون الناس على ما آتهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتب والحكمة وآتينهم ملكاً عظيماً فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه وكفى بجهنم سعيراً) الآية.

حتى إن من عظم الحسد أنزل الله سورة تعصم تاليها بإذن الله من الحسد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير