تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دول العالم تبث سمومها مستخدمة هذه الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، فإذا قام الداعية بالدعوة فليعلم بأن الله معه، يقول الله سبحانه وتعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}، وعليه أن يصبر ويصابر، فالله سبحانه وتعالى يقول: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، ويقول: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

5. كيفيتها:

أما كيفية الدعوة فيجب على الداعية إلى الله أن يصلح نفسه أولا ومحيطه من أهل بيته وأقاربه، ثم يتجه إلى دعوة الناس. قال تعالى عن نبيه شعيب - عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}. وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.

وعلى الداعية أن يبدأ بالأمور المهمة، فيبدأ أولاً بإصلاح العقيدة؛ لأنها هي الأساس الذي تنبني عليه سائر الأعمال، فالأعمال مهما بلغت إذا لم تكن مبنية على عقيدة صحيحة وسليمة من الشرك فإنها لا قيمة لها ولا فائدة منها، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

ثم على الدعاة كذلك أن يهتموا بإنكار البدع المحدثة في العبادات، وبتعليم الناس السنن الصحيحة - لأن البدع من أعظم ما يفسد الدين بعد الشرك - فالمبتدع يُشرِّع في الدين ما لم يأذن به الله، والبدع كلها مرفوضة مردودة على أصحابها مهما أتعبوا أنفسهم وأنفقوا أموالهم وضيعوا أوقاتهم في إقامتها، قال صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} وقال: {وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} فعليك أنت أيه الداعية أن تهتم بدعوة الناس إلى إحياء السنن وترك البدع وإماتتها؛ فهذا من أعظم مجالات الدعوة.

ثم بعد ذلك تتجه إلى الدعوة إلى أداء الفرائض وترك المعاصي

(الجزء رقم: 31، الصفحة رقم: 159)

والمحرمات وتصحيح المعاملات؛ لأن المعاصي سبب لهلاك العباد والبلاد قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ووجود الدعاة والمصلحين أمان من العذاب والهلاك قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} وعدم وجود الدعاة والمصلحين سبب الهلاك.

وعليك أن تراعي أحوال المدعوين، فالجاهل له معاملة في الدعوة والعالم له معاملة والمعاند له معاملة، فتعامل كلا بما يليق به، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وذلك أن المدعو له حالات يعامل في كل حالة بما يناسبها:

الحالة الأولى: أن يكون جاهلا بالحق ولو بُين له لأخذ به، فهذا يُدعى بالحكمة واللين واللطف والرأفة.

الحالة الثانية: من إذا بين له الحق لم يسرع لقبوله والعمل به، بل يكون عنده كسل وفتور، فهذا يحتاج مع البيان إلى موعظة بأن يُخوف ويُبين له ثواب المطيعين وعقاب العاصين.

الحالة الثالثة: من إذا بين له الحق لم يقبله، وحاول رده بالشبهات، فهذا يجادل بالتي هي أحسن لكشف شبهاته وبيان خطئه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الناس ثلاثة أقسام: إما أن يعترف بالحق ويتبعه فهذا صاحب الحكمة. وإما أن يعترف به لكن لا يعمل به، فهذا يوعظ حتى يعمل. وإما ألا يعترف به فهذا يجادل بالتي هي أحسن؛ لأن الجدال في مظنة الإغضاب فإذا كان بالتي هي أحسن حصلت منفعته بغاية الإمكان كدفع الصائل. . انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير