وأسمى مقاصد الصوفية أن يرتقوا بإخلاصهم إلى أرفع الدرجات ويعبدوا الله مبتغين وجهه دون أن يقصدوا ثواباً:
فما مقصودهم جنات عَدْنٍ ولا الحورُ الحسانُ ولا الخيامُ
سوى نظرِ الجليل وذا مُناهم وهذا مقصد القوم الكرامُ
وقد أجاب عن مقولة رابعة العدوية, الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
ــ ينظر سلسلة الهدى والنور ـ الشريط 19 ــ
فقال:
ومما ينكر في هذا الحديث
" بكى شعيب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله عز وجل حتى عمي، فرد الله
إليه بصره، و أوحى إليه: يا شعيب ما هذا البكاء؟! أشوقا إلى الجنة أم خوفا
من النار؟ قال: إلهي و سيدي أنت تعلم ما أبكي شوقا إلى جنتك و لا خوفا من
النار، و لكني اعتقدت حبك بقلبي، فإذا أنا نظرت إليك فما أبالي ما الذي صنع
بي، فأوحى الله عز وجل إليه: يا شعيب إن يك ذلك حقا فهنيئا لك لقائي يا شعيب
! و لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي ".
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " (2/ 425):
ضعيف جدا
قوله: ما أبكي شوقاً إلى جنتك ولا خوفاً من النار! " فإنها فلسفة صوفية اشتهرت بها " رابعة العدوية " إن صحَّ ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها " ربِّ ما عبدتك طمعاً في جنتك ولا خوفاً من نارك "، وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك وتعالى حقَّ معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبَّده طمعاً فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته – تبارك وتعالى -، وخوفاً مما أعدَّه للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال {كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لَمحجوبون}، ولذلك كان الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – وهم العارفون بالله حقّاً – لا يناجونه بمثل هذه الكلمات الخيالية، بل يعبدونه طمعاً في جنَّته، وكيف لا وفيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه – سبحانه -، ورهبةً من ناره، ولِمَ لا وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال – تعالى – بعد أن ذكر نخبةً من الأنبياء: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغَباً ورهَباً وكانوا لنا خاشعين}، ولذلك كان نبيُّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه.
هذه كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلاً عن العامة، وهي في الواقع {كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً}، وكنتُ قرأتُ حولها بحثاً فيَّاضاً ممتعاً في " تفسير العلاَّمة ابن باديس " فليراجعه من شاء زيادة بيان.
" السلسلة الضعيفة " (حديث رقم 998).
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/83.htm
وقال الشيخ الحويني في محاضرة الحاجة إلى العلماء الربانيين
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=Full*******&audioid=105847
يقول بعض الناس: لا تعبد الله رجاء الجنة؛ ويقولون: نحن نعبد الله لذاته! وينسبون مقالة إلى رابعة العدوية، .. ولا نعرف هذه المقالة عن رابعة حتى نعتبرها صحيحة، حتى وإن قالتها رابعة فإنه يرد عليها قولها. يقولون: إنها كانت تقول: (اللهم إن كنت عبدتك خوفاً من نارك؛ فأحرقني بها، وإن كنت عبدتك طمعاً في جنتك؛ فاحرمني من جنتك، وإن كنت عبدتك لذاتك؛ فلا تحرمني من لقاء وجهك) ما هذا الكلام؟ أين نذهب بعشرات الأحاديث التي جاءت عن الرسول عليه الصلاة والسلام يستعيذ فيها من النار؟! وأين نذهب بقوله تبارك وتعالى: وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]، وقوله: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، وقوله تبارك وتعالى: لِمِثْلِ هَذَا [الصافات:61] لمثل دخول الجنة وتجنب النار (فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ [الصافات:61]. كيف يقال هذا الكلام؟ وهل هناك أحد يعبد ربنا لذاته هكذا؟! الذين يقولون بهذا القول هم من يقولون بمسألة الفناء، وهذا القول لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرفه أحد من أصحابه أو التابعين ولا الأئمة المتبوعين، ولا أحد ممن تبعهم بإحسان. ويقولون بوحدة الوجود وهو: أن كل ما تراه بعينك فهو الله؛ لأنه حل في كل شيء، تعالى الله عن قول الظالمين علواً كبيراً.
والآن لنلاحظ الثنائية الدلالية في هذه القصة
المجنون مقابل العابد
¥