و القَهْوَةُ الخَمْرُ، والشَّبْعَةُ المُحْكَمَةُ، واللبنُ المَحْضُ، كالقِهَةِ، كعِدَةٍ، والرائِحةُ. والقَهْوانُ التَّيْسُ الضَّخْمُ القَرْنَيْنِ المُسِنُّ. وأقْهَى دامَ على شُرْبِ القَهْوَةِ. (3/ 467)
وأما كونها شراب الأغنياء، ففي تهذيب اللغة للأزهري أن القهوة من الرفاهية، وهذا لاشك فيه، فالأصل أن القهوة شراب زائد عن الضروريات والحاجيات، فهو من التحسينيات.
فقد قال الأزهري: وقال الليث: القاهِيُّ: الرجلُ المُخْصَب في رَحْله، وإنه لفي عيشٍ قاهٍ: أي رَفِيهٍ بين القُهُوَّة والقَهْوَةِ. (2/ 346).
وممّا قالوه فيها على أنها خمر:
وقهوة من فم الإبريق صافية ... كدمع مفجوعة بالإلف مِعْبار
كأن إبريقنا والراح في فمه ... طير تناول ياقوتا بمنقار
وقال أحدهم:
وليلةٍ بتُّ في ظلماتها طرباً ... يسعى إلي بشمس القهوة القمرُ
سهرتها سهراً من طيب لذته ... وددت لو أن عمري كله سهر
ُوقال التنيسي:
واسفك دم القهوة الصهباء تحي به ... روحي فإن دم الصهباء مطلول
يا خائف الإثم فيها حين تشربها ... لا تقنطن فعفو الله مأمول
قم فاسقني النض مما حرموه ولا ... تعرض لما كثرت فيه الأقاويل
من قهوة عتقت في دنها حقبا ... كأنها في سواد الليل قنديل
عروس كرم أتت تختال في حلل ... صفر على رأسها للمزح إكليل
قرى الضيف (1/ 451)
وممن ابتلي بشربها من الخلفاء:
الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ذهب به الشراب كل مذهب، حتى خلع وقتل، وله في ذلك حكايات وأشعار. منها:
أنه سمع بشراعة بن الزندبوذ الكوفي، وكان من أهل البطالة المشهورين باللعب وإدمان الشراب، فاستدعاه بالكوفة إلى دمشق فحمل إليه فلما دخل عليه قال له:
يا شراعة ما أرسلت إليك لأسألك عن كتاب الله ولا سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)
قال: لو سألتني عنهما لوجدتني فيهما حماراً،
قال: وإنما أرسلت إليك لأسألك عن القهوة،
قال: أنا دهقانها الخبير، ولقمانها الحكيم، وطبيبها الماهر،
قال: فأخبرني عن الشراب
قال: سل عما بدا لك
قال: ما تقول في الماء قال: لا بد منه، والحمار شريكي فيه.
قال: فاللبن؟ قال: ما رأيته إلا استحييت من طول ما أرضعتني أمي به،
قال: فالسويق؟ قال: شراب الحزين والمستعجل والمريض.
قال: فشراب التمر؟ قال: سريع الامتلاء، سريع الانفشاش.
قال: فنبيذ الزبيب؟ قال: حاموا به على الشراب،
قال: فالخمر؟ قال: تلك والله صديقة روحي،
قال: وأنت والله صديق روحي،
قال: فأي المجالس أحسن؟
قال: ما شرب فيه على وجه السماء
ومن شعر الوليد:
خذوا ملككم لا ثبت الله ملككم ... ثباتاً يساوي ما حييت عقالا
دعوا لي سلمى والنبيذ وقهوة ... وكأساً، ألا حسبي بذلك مالا
((وهاهنا لغز فقهي)):
فلو سأل سائل وقال: هل من التحسينيات ما يمكن أن يرقى إلى أن يصبح من الضروريات؟
قلنا: نعم القهوة، هي في الأصل من التحسينيان، ومع الإدمان تصبح من الضرويات.
وللفائدة: الإدمان يدل على ضعف شخصية صاحبه، إذ كيف يتحكّم فيه مخلوق ضعيف كالقهوة، ومن باب أولى الدخان، وما شابه ذلك
استراحة مع القهوة (ابتسامة)
لكن هذا، لما كان شاربها يشعر بفائدة شربها، كما ذكرنا في الأبيات السابقة:
عليك بشرب البن في كلّ حالة ... ففي البن للشرّاب خمس فوائد
نشاط (1) وتهضيم (2) وتحليل بلغم (3) ... وتطيب أنفاس (4) وعون لعابد (5)
لكن بعدما صارت تخلط بالحمّص، والبوا كاسي، والعدس، والأرز، وما قرّب إليها من حبوب و بهارات
أصبحنا نشعر من جراء شربها، بالخمول والبلادة، فكثر النائمون، وزاد في المدارس عدد الراسبون، وضاقت شوارعنا بالعطّالون البطالون.
والحذّاق من حمّاص القهوة يقولون: لقهوة شهيّة بهيّة نديّة، خذ لتحضيرها هذه الوصفة الطبية:
* 20% عربية (أربيكا)
* 80% برازيلية (تروبيكا)
محبكم
أبو وائل حسّان شعبان
أبو يزيد المدني
بارك الله فيك أخي حسّان أجدت وأفدت, فالقهوة كما ذكرت هي في الأصل تطلق على الخمر عند العرب.
قال أبو نواس في وصف القهوة الخمرية:
يا خاطِبَ القَهوَةِ الصَهباءِ يَمهُرُها ...... بِالرَطلِ يَأخُذُ مِنها مِلأَهُ ذَهَبا
قَصَّرتَ بِالراحِ فَاِحذَر أَن تُسَمِّعَها ...... فَيَحلِفَ الكَرمُ أَن لا يَحمِلَ العِنَبا
إِنّي بَذَلتُ لَها لَمّا بَصُرتُ بِها ...... صاعاً مِنَ الدُرِّ وَالياقوتِ ما ثُقِبا
¥