تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونجحت بريطانيا بعد ذلك في عام 1910م في الضغط على الدولة العثمانية، ومررت لقانون «تصرف الأشخاص الحكمية»، وهو قانون سمح للشركات بالتصرف في الممتلكات غير المنقولة، واستغلت المؤسسات الصهيونية بنود هذا القانون لاقتناص أراضٍ في قلب فلسطين، وتوجت الضغوط البريطانية على الدولة العثمانية عام 1911م عندما تم منح الأجانب حق التملك والتصرف في الأراضى العثمانية، ما عدا منطقة الحجاز.

واستمرت الجهود البريطانية من أجل إنجاز المشروع الاستيطاني اليهودي، إلى أن اقتنص اليهود650,000 دونم، على الرغم من أن اليهود لم يكن لهم أي حيازات للأراضي الزراعية في فلسطين حتى عام 1868م، كما لم يزد عددهم حتى عام 1877م عن 3.1% من إجمالي سكان فلسطين.

ويلخص المؤلف بعض المجهودات اليهودية التي بذلت من أجل استيطان فلسطين في العهد العثماني، منها: تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين 1882م، والمساعي اليهودية بمعاونة الإنجليز 1875م؛ للسيطرة على فلسطين عن طريق شراء قناة السويس، وكذلك الدور الذي لعبته أوروبا في مساعدة اليهود في الحصول على امتيازات في المنطقة، كل ذلك فضلاً عن إسهامات العائلات اليهودية الثّرية، ومُلاك الأراضي في بيع الأراضي لليهود، وخاصة اللبنانيين أمثال عائلات سرسق وتويني وقدور.

ولم يقف الفلسطينيون موقفًا سلبيًا تجاه ذلك المد الصهيوني في فلسطين، بل أسسوا الكثير من اللجان والمنظمات بهدف مواجهة هذا المد، منها: «الجمعية الخيرية الإسلامية» و «جمعية الشبيبة النابلسية»، و «جمعية يقظة الفتاة العربية».

وعملت هذه اللجان بنشاط وحركية عالية المستوى ضد الاستيطان اليهودي، إلا أن المساعدات البريطانية في الفترة من 1850م إلى 1920م أدت إلى اقتناص 650,000 دونم، بحجة إنعاش الزراعة، وبناء المستشفيات والجامعات.

لا ينكر المؤلف أن هناك عددًا من الفلسطينيين باعوا أرضهم، ولكن المسألة لا تصل إلى هذه الدرجة من التعميم المبالغ فيه؛ حيث كان ذلك نادرًا جدًا، وللخبير الإنجليزي «فرانس» تقرير، وأيده الخبير سمبسون في ذلك، ذكر فيه أن بعض أهالي فلسطين باعوا أرضهم، إما لتسديد ديونهم، أو لدفع ضرائب الحكومة، أو للحصول على نقد لسد رمق عائلاتهم، ولم تتعد هذه المساحة 1% من مجموعة مساحة البلاد.

ولكن في ظل وجود هذه الحقيقة، على المنصفين أن ينظروا إلى جانب آخر يمثل أغلبية شعب كريم مجاهد، يتمثل هذا الجانب في تشبث الكثيرين بأرضهم مثل: آل الحسيني الذين حافظوا على أملاكهم للنهاية.

إن الشعب الفلسطيني واجه السماسرة العملاء، وصدرت الفتاوى بتحريم وتجريم بيع الأرض لليهود، ولم يتعد ما تم بيعه من قبل كبار الملاك الفلسطينيين 096،% أي أقل من 1%.

أرض فلسطين في ظل الاحتلال البريطاني

وينتقل الكتاب إلى هذه المرحلة بعد أن صار احتلال فلسطين ساري المفعول منذ عام 1923م؛ حيث تناول تسهيلات بريطانية قدمها الاحتلال لليهود في مسار الاستيطان، وكان من قبل ذلك "وعد بلفور" الذي يعد أبرز هذه المساعدات.

وقد تعاونت بريطانيا مع منظمات يهودية متخصصة في بيع الأراضى وشرائها، على رأسها صندوق الائتمان اليهودي للاستعمار، والصندوق القومي الإسرائيلي.

وكان مجموع ما استولى عليه اليهود إلى يوم انتهاء الانتداب البريطاني في 15 من مايو 1948م نحو مليوني دونم، أي نحو 7% من مجموع أراضي فلسطين، وكان البريطانيون كثيرًا ما يعرضون إغراءات قوية على الفلسطينيين للتنازل عن أرضهم؛ حيث يقر بذلك الشيخ محمد أمين الحسيني في «حقائق عن الوطنية الفلسطينية»، فيذكر أن بريطانيا اتصلت به شخصيًا عام 1934م، وبكثير من الوطنيين الفلسطينيين تعرض عليهم أن يرحلوا إلى شرق الأردن، على أن يُعْطَوا مساحة الأراضي التي كانوا يمتلكونها مضاعفة، ولكنهم رفضوا هذا العرض السخيف. على حد قول الشيخ أمين. ومما لا شك فيه أن ارتباط الفلاحين الوثيق بأرضهم هو الذي منع الحركة الصهيونية من الحصول على أكثر من 6% من المساحة الإجمالية لأراضي فلسطين قبل عام 1948م.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير