ولم ينقذ اليهود من هذه الورطة التي كان يستحيل معها بناء دولة، إلا قرار تقسيم فلسطين في 29 من نوفمبر سنة 1947م، الذي أعطى لليهود مساحة 54% بعدما كانوا لا يملكون سوى 7،6%، وتسبب في تراجع موقف العرب؛ حيث كانوا يملكون 93,3%، فصار إلى ملكيتهم مساحة 45% فقط من أرض فلسطين.
وقد سنت إسرائيل منذ سنة 1948م نحو ثلاثين تشريعًا، نقلت بواسطتها الأرض من ملكية العرب الخاصة إلى ملكية الدولة، وبموجب أحد هذه التشريعات صودر نحو مليون فدان من الأراضي التي يملكها 18000 فلسطيني، وذلك عام 1953م، ونتيجة للسيطرة اليهودية الكاملة على ذلك الجزء، فقد فتح المجال واسعًا أمام مؤسسة «الكرن كايميت» لتوسيع ممتلكاتها حتى وصل مجموع ما امتلكته حتى عام 1958م إلى3,300,000دونم. واتباعًا لهذه السياسة أصبح سلب الأرض صنعة يهودية أجادوا عملها؛ حيث استطاعوا حتى عام 1949م أن يستولوا على 80% من الأراضي، وطردوا 770,000 فلسطيني.
المشروع الاستعماري على أرض فلسطين
لا يختلف اثنان على أن الإرهاب اليهودي هو الآلية التي تم بها تفريغ جزء من فلسطين من سكانها، فقد دمر اليهود 478 قرية فلسطينية من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة، وارتكبوا 34 مجزرة، ودير ياسين أقوى النماذج لهذه المجازر.
تلك المذبحة التي قال عنها الصهيوني مناحم بيجين في كتابه "الثورة": إنها ومذابح أخرى فرغت فلسطين من 650 ألف عربي، ولولا دير ياسين ما قامت "إسرائيل".
أما أملاك الأوقاف الإسلامية، فكانت حكومة الانتداب البريطاني قد أوكلت إدارتها إلى الهيئة الإسلامية العليا، ثم قررت حكومة عام 1935م دفع مبلغ سنوي ثابت مقداره 30 ألف جنيه فلسطيني مقابل أعشار الأوقاف، ولم تحافظ سلطة الاحتلال الصهيوني على هذا الوضع، بل جنت وزارة الأديان الإسرائيلية على الأوقاف الإسلامية وضمتها إلى الميزانية العامة، بل حاولت اغتصاب المقابر وغيرها من أراضي الأوقاف.
وبعد حرب 1967، وبموجب الأمر رقم 59 لسنة 1967 بشأن أملاك الحكومة، استولت قوات الاحتلال على نحو 100 ألف دونم من أراضى الضفة، وارتفع الرقم إلى 450 ألف دونم بحلول عام 1984م، وبموجب كثير من القرارات تم الاستيلاء على الممتلكات الخاصة، والأموال المتروكة، بالإضافة إلى معسكرات الجيش والشرطة الأردنية، واستمرت المصادرات حتى بلغت 25% من مساحة الضفة الغربية، بالإضافة إلى 400 ألف دونم تمثل 8% من مساحة الضفة.
فضلاً عن الاستيلاء على 100 ألف دونم من أراضي المزارعين، ثم قام اليهود بعد ذلك بعملية مسح للضفة الغربية، وذلك في عام 1978م، وتم تصنيف الأرض ضمن ثلاثة أنواع: صخرية، وبور صالحة للزراعة، ومزروعة، وبعد ذلك أقيم ما يقارب 160 مستوطنة من أجل إحكام السيطرة على هذه الأراضي.
أما مدينة القدس فقد هُدم حي المغاربة، وأُجلي سكانه، وتمت مصادرة نحو 20% من مساحة البلدة القديمة خلال الشهر الأول من احتلالها، ثم طرد أكثر من 6000 فلسطيني خارج المدينة، وصودر نحو 630 عقارًا، وهدم 135 عقارًا آخر، وبعد ذلك صودرت باقي القرى المميزة بالمدينة، وبموجب قانون قديم يرجع لسنة 1948م استولت إسرائيل على نحو 70 ألف دونم، واغتصب اليهود بيوتًا بالقدس، هذه البيوت لهم ولأبنائهم، وحظرت ذلك على العرب.
وخلاصة الأمر أن عمليات المصادرة نتج عنها استيلاء الكيان الصهيوني على نحو 56 ألف دونم من أصل 63 ألفًا هي مساحة القدس العربية، أما البلدة القديمة فقد وضعت السلطات يدها على 250 دونمًا تمثل 26% من مجموع مساحة البلدة.
صمود أهل فلسطين يدحض الأكذوبة
ويؤكد الكتاب أن تشبث الشعب الفلسطيني بأرضه، وبخيار المقاومة، وما يقدمه من شهداء وبطولات وإنجازات، كل ذلك يمثل خير دليل على أن هذا الشعب لم يبع أرضه رغم الإغراءات المادية المذهلة لترك المنازل والأراضي، بل ويفضلون أن تُهدم فوق رءوسهم على أن تسلب شراءً، وساكنو المخيمات منذ الأربعينيات شاهد عملي على ذلك، ولا زال أهلها يحتفظون بأوراقهم الثبوتية حتى هذه اللحظة.
كما وقف علماء المسلمين موقفًا بطوليًا عقديًا من بيع الأراضي لليهود، فأصدروا الفتاوى التي تحرم وتجرم هذا الفعل، وكانت الفتوى الأولى عام 1935؛ حيث اجتمع في القدس كبار علماء فلسطين، وأجمعوا على تحريم بيع الأرض الفلسطينية لليهود، وتحريم السمسرة عليه، والسكوت عنه، أو الرضا به.
إلى المخدوعين بهذه الفرية
تحت هذا العنوان يبعث المؤلف برسالة إلى كل الذين انطلت عليهم هذه الأكذوبة، بأن يكلفوا أنفسهم البحث عن حقيقة هذه الفرية، وألا يكونوا سهامًا في صدور أصحاب هذه الأرض الذين لا زالوا يقاومون من أجلها، فلا يخفى على أحد أن الكذب وسيلة قوية يرتكز عليها اليهود في تنفيذ مشروعاتهم، وتأتي قوة هذه الوسيلة لديهم من أنها تجد ـ وللأسف ـ من العرب والمسلمين أنظمة وحكامًا، مصدّقين، بل مروجين لها، فهناك كثير من الأنظمة العربية التي عمدت إلى نشر هذه الأكذوبة بعد هزيمة حرب 1948م، بل إنهم يعملون على إظهارها كلما خمدت، ويفتحون صحفهم وقنواتهم لكتاب باعوا أنفسهم وكرامتهم ليروجوا ـ تلميحًا أو تصريحًا ـ لهذه الفرية.
وانتهى الباحث إلى الحقيقة التالية: أراضي فلسطين لم يبعها أهلها، ولا اليهود اشتروها، وامتاز الكتاب بكثرة المراجع والوثائق والشهادات والإحصاءات والخرائط التي توضح الحقيقة، وتكشف زيف تلك الأكذوبة، فما أجدرنا بإعادة قراءة هذا الكتاب في هذه الأيام، التي تشهد فيها القضية الفلسطينية منعطفًا خطيرًا.
انظر في هذا الرابط:
http://wadood.maktoobblog.com/1613174/%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a3%d9%83%d8%b0%d9%88%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6/
¥