تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخطا إلى المسجد الأبعد، وظاهرة تخطي المساجد تحدث في رمضان، لأن بعض الناس يتتبعون حسن الصوت، وربما أدى ذلك إلى هجر بعض المساجد، فيقع في نفس الإمام ما يقع، أو في نفس من بنى المسجد ما يقع، لما هُجِرَ مسجده. تتبع المساجد من أجل حسن الصوت فيه تفصيل: إذا كان يؤدي إلى مفاسد منع، ونقول له: اجلس في مسجدك ولا تتبع المسجد الآخر من أجل الصوت، وإذا كان لا يؤدي إلى مفاسد، قال: أنا سأذهب إلى مسجد كذا، وجماعة مسجدنا في حينا كثيرة، والشيوخ والعامة كثر، فلو ذهبت وذهب معي عشرة لا يحدث شيء للمسجد، وانتفت السلبيات، ولن يغلق المسجد، ولن يهجر، ولن يحدث بينه وبين الإمام وجماعة المسجد شيء، فلو ذهب لا حرج عليه، ولو كان يؤدي إلى مفاسد فلا يذهب، هذا التفصيل في قضية تتبع المساجد من أجل الصوت. أما إذا وجد غرض صحيح لتخطي الإنسان مسجده إلى مسجد آخر، مثل أن يكون إمام مسجده لا يقيم الفاتحة، أو لا يطمئن في صلاته، أو يرتكب بعض المخالفات الشرعية، أو يجاهر ببدعة، أو يجاهر بمعصية، أو أنه سيذهب إلى مسجد آخر ليحضر درساً، أو محاضرة، أو أن المسجد الآخر يصلي بسرعة وهو مستعجل، أو أن المسجد الآخر يصلي متأخراً وصاحبنا متخلف. إذاً: هناك أسباب فلو ذهب إلى المسجد الأبعد لهذه الأسباب، فلا بأس بذلك. ومن آداب المسجد: ألا يؤذي المصلين، لا بالرائحة، ولا بوضع النعال في مكان غير مناسب، ولا بتخطي الرقاب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: (اجلس فقد آذيت) وربما فاته أجر الجماعة كلها بسبب هذا الإيذاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ليس لأحد أن يتخطى رقاب الناس ليدخل في الصف، إذا لم يكن بين يديه فرجة، لا يوم الجمعة ولا غيرها. إذاً: بعض الناس يأتي ويقول: أدخل والله ييسرها، وهذا خطأ، فإذا وجد فرجة يتقدم إليها، والذين لم يتقدموا أسقطوا حقهم في منع التخطي، لماذا لم يتقدموا لسدها؟ فهو يتقدم لسدها ولا حرج عليه، واشترط بعض العلماء أن يكون ممر لا تلتصق فيه ركبتا المتجاورين، إذا كان يوجد فرجة في الأمام موجودة، وتقدم فسدها، وإذا لم تكن فرجة موجودة فلا يتقدم؛ لأن هذا من الظلم والتعدي لحدود الله تعالى، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، واختار التحريم، فأما إذا تركت فرج في الصفوف فلا حرج في اختراق الصفوف لسد هذه الفرج والقيام في تلك الصفوف .......

من آداب المسجد: عدم مضايقة المصلين بالمزاحمة

ومن آداب المساجد ألا يضايق الإنسان المصلي، وهذا يحدث عند عدد من الشباب الحريصين على الخير، يريد أن ينافس على الصف الأول فيتقدم إلى فرجة لا تتسع لعصفور، فيزحم الصف ثم يكون من بجواره أكتافه أمامه، وقد يكون شيخاً فيتأذى، وهذا من إيذاء المسلمين، وإيذاء المسلمين بغير ما اكتسبوا حرام. وقد يسبب خلل في تسوية الصف؛ لأنه لم يستوِ المنكب بالمنكب، وكيف يستوي المنكب بالمنكب وهو قد فرض نفسه في المكان الضيق، وأي أجر سيرجى له ولو كان صادقاً لجاء مبكراً؟ أما أن يأتي متأخراً ويريد أن يقحم نفسه في الصف الأول إقحاماً، وأن يتعسف في ذلك، ويدخل في هذا الضيق ويؤذي المصلين الذين بجانبيه، فهذا لا يجوز، والأصل -كما قلنا- إن الناس إذا جاءوا للمسجد يصفون في الصف الأول، ولو قبل الإقامة بنصف ساعة، أو بساعة، ولو في الجمعة، فعليهم أن يصفوا في الصف الأول فالأول، ثم من الأدب ألا يمر بين يدي المصلي وهذا معروف. وهناك آداب تكون يوم الجمعة، يكون موضعها في آداب الجمعة، وإن كانت تشترك مع غيرها من الصلوات في باب سد الفرج وخصوصاً عند إقامة الصلاة، فإن أناساً يأتون من مكان بعيد من اليمين أو الشمال ويدخلون في الفرجة بحيث لا يدعون مجالاً للشخص الذي في الخلف مباشرة لسده، إذا كان الذي في الخلف لم يتقدم، وكان متكاسلاً والفرجة موجودة وهو جالس ينتظر، يتقدم غيره، وهو الذي فوت على نفسه، لكنه تقدم، فجاء رجل من خلفه يريد أن يسابقه ويدخل عليه، فلا شك أن هذا فيه إثارة للشحناء، ومسألة إثارة الشحناء والبغضاء يجب أن تراعى وألا تكون في المسجد، ولذلك تكلموا في بحث طويل: لو تنافس اثنان على فرجة، فليتركها له أو لا، ومن أجل تلافي الشحناء والبغضاء قد يكون أجره أكثر من أن يسبقه هو، فينبغي مراعاة هذه المفسدة، وفي المقابل ينبغي مراعاة عدم التكاسل في التقدم لسد الفرج.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير