منه. هذه أيها الإخوة طائفةٌ من الأحكام المتعلقة بالمساجد التي يخالفها كثيرٌ من المصلين. وفقنا الله وإياكم لأن نحل حلاله وأن نحرم حرامه، وأن نعمل بآداب الإسلام، وصلى الله على نبينا محمد.
أعلى الصفحة
بعض البدع والمنكرات التي تقع في المساجد
الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فإن من المنكرات أيضاً أيها الإخوة: تخطي رقاب الناس وإيذاؤهم .......
دخول الكافر إلى المسجد
وإن سأل سائل عن مسألة: هل يجوز للكافر دخول المسجد؟ فنقول: إذا ترتب على ذلك مصلحة شرعية، مثل أن يرى المصلين، فيتأثر بهم فيعجب بالإسلام فيكون سبباً لدخوله فيه، فإن ذلك جائز كما ورد في حديث ربط ثمامة المشرك في المسجد، فكانت رؤيته لواقع المسلمين سبباً في إسلامه، بشرط ألا يؤذي المسلمين، أو يوسخ المسجد، أما دخول الكفار لتصوير المساجد، أو الفرجة بالملابس السياحية فمن أكبر المنكرات.
أعلى الصفحة
بناء المساجد على القبور
ومن أشنع البدع على الإطلاق بناء المساجد على القبور، وأسوؤها ما يجعل في جهة القبلة حتى يضطر المصلي لاستقباله، وقد ورد النهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور، والحكم فيها: أنه إذا كان القبر سابقاً على المسجد وبني المسجد على القبر، يهدم المسجد، وأما إذا كان المسجد أولاً وكان القبر بعد ذلك، فينبش القبر وتنقل الرفات إلى مكان آخر، وإن أمكن عزله عن المسجد وفصله بجدار أو بشارع، فلا بأس بذلك. ومن البدع: وضع أغطية للرأس عند باب المسجد ليلبسها كل داخل لتغطية رأسه.
أعلى الصفحة
أخذ الكتب الموقوفة من المساجد
وكذلك من المنكرات: استعارة الكتب الموقوفة من بعض المساجد وعدم إرجاعها، أو ما يفعله بعض الطلاب السفهاء من أخذ المصاحف من المساجد وعدم إرجاعها، أو حجزها فترةً طويلة ليوفروا على أنفسهم ثمن الشراء كما يزعمون. ومن البدع: زيادة إنارتها في المناسبات كرمضان ورجب، أو ضحى يوم العيد.
أعلى الصفحة
بناء المقاصير للخاصة والضرب بالدفوف
وكذلك من البدع: إعداد أمكنة مرتفعة عن أرض المسجد للخاصة من الناس تسمى بالمقاصير، تقطع الصفوف وتفرق المسلمين إلى طبقات، أو كما يقع في بعض المساجد في البلدان الأخرى من وضع كرسي خاص يقرأ عليه القارئ قبل صلاة الجمعة وغيرها. ورقص الصوفية في المساجد وما قد يصحبه من آلات الطرب وتلحين القصائد والمدائح، أو قراءة المولد النبوي. كذلك من البدع المنكرة: اتخاذ التكايا أو الزوايا لأهل التصوف كما يقع في بعض البلدان، وأنا أذكر هذا أيها الإخوة، وإن كنتم لا ترونه الآن في واقعكم، فإن بعض الحاضرين من أهل تلك البلاد يهمهم هذا الأمر. وكذلك فإن كثيراً من المسلمين يسافر، فيدخل تلك المساجد فيهمه أن يعرف ما هو المنكر وما هو المعروف. ومن المنكرات: قيام بعض القصاص والمذكرين بتذكير الناس بأحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتوسل بالمخلوقين. وبعض الناس يحتجون بواقع معين على صحة هذه المنكرات، قال العلامة القاسمي رحمه الله في إصلاح المساجد من البدع والعوائد: يحتج بعض الناس في دمشق على جواز هذه البدع واستحسانها بكونها موجودة في جامع بني أمية وهو شيخ الجوامع في الشام، وبكون مدرسيه الماضين سكتوا عليها، وهذه حجة فاشية في كثير من الأمور التي تساهل بها أهل النفوذ الماضون، فترى العامي إذا ليم على بدعة وأرشد إلى الصواب فيها، يستدل بفعل شيخه، أو العالم الفلاني، أو المكان الفلاني، أو البلدة الفلانية، ويزعم أنها مشروعة أو حسنة بسبب ذلك، وكل ذلك غرور، فإن فعل الناس ليس بحجة، إلا الكتاب والسنة هي الحجة ولو خالف الجميع.
أعلى الصفحة
بدع الحجز في المسجد ومنكراته
وفي بعض المساجد أيها الإخوة جماعة يلازمون من الأمكنة ما كان وراء الإمام قبالة المحراب، وما يسميه بعض العامة بالروضة، فيأتي هؤلاء للمسجد قبل الصلاة، ويأخذون أمكنتهم المعينة، وإذا خصصوا هذه الأمكنة، لم يتراجعوا عنها، فقد يدخل ذلك في النهي عن التوطين كتوطين البعير، ولكن المصيبة أن بعض هؤلاء يرى أن ذلك المكان خاصٌ به ولو جاء متأخراً، وإذا رأى أحداً من الغرباء ونحوهم، فإنه لا يتورع أن يبعده من مجلسه، ويبلغ الجهل ببعضهم أنه إذا رأى أحداً في مكانه الذي اعتاد أن يجلس فيه، فإنه يحرج ويذهب إلى آخر الصف وهو ممتلئ غيظاً، فيجلس فيه ويظل يرمق ذلك الرجل الجالس في مكانه المعتاد على حد زعمه، وبعضهم إذا كان جالساً في ذلك المكان، وكان هناك فرجة، ورأى رجلاً غريباً عن هذا المكان يريد أن يجلس فيه، جلس متربعاً حتى يحجز المكان ليطرد ذلك، فإذا جاء صاحبه ليجلس أفسح له، صارت الأمكنة في المساجد بالواسطة عند بعض الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله! كذلك قد يجهل بعضهم، فإذا رأى واحداً جالساً في مكانه الذي اعتاد أن يجلس فيه من قبل، قال: يا فلان أتظننا أولاد البارحة أو اليوم في هذا الجامع، نحن من أربعين سنة نصلي في هذا المكان، فأين الذوق؟ ونحن نقول له: ذوقك أنت؟ إن من سبق إلى مباح فهو أحق به.
أعلى الصفحة
بعض ما يباح في المسجد
وتجوز المناظرة في مسائل العلم دون المراء والجدل العقيم، ويباح عقد النكاح في المسجد، والقضاء والحكم، ويباح قتل البراغيث والقمل وكل ما هو مؤذٍ على أن يلقى خارج المسجد، ويباح الاستلقاء في المسجد لمن أمن انكشاف عورته. هذه طائفة من الآداب والأحكام، أو المنكرات الموجودة في المساجد. والأهم من هذا الكلام كله: لماذا بني المسجد؟ وما هي وظيفته في الإسلام؟ وكيف أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد؟ وما هو الفرق بين مساجد الضرار والمساجد التي بنيت على تقوى من الله ورضوان؟ وما هو الأثر الإسلامي والاجتماعي الشرعي من وجود المسجد؟ ما هي الفائدة منه؟ لعل الفرصة تتاح للكلام عن هذا الموضوع المهم في خطبة قادمة إن شاء الله. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا وإياكم الفتن والهوى، وأن يجنبنا وإياكم الزيغ والبدع والضلال والمنكرات، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله
¥