تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لذلك الحذر الحذر من مخالفة السلف في فهمهم للنصوص و التريث قبل مخالفة فتاوي جمهور العلماء فخطئ نفسك قبل أن تخطئهم، إن ما يفهمه السلف بالبديهة يلزمنا عمر كامل لفهمه و إدراكه.

روي أن رجلا جاء لأبي حنيفة فقال له إن ابن أبي ليلة ـ و كان قاضيا بالكوفة ـ جلد امرأة مجنونة ـ قالت لرجل: يا ابن الزانيين ـ حدين بالمسجد، و هي قائمة، فقال أبو حنفية بداهة: اخطأ من ستة أوجه.

قال ابن العربي: و هذا الذي أدركه بداهة لا يدركه بالرؤية إلا العلماء الماهرون. (5)

فالحذر ثم الحذر السلف أفهم و أوعى لكتاب الله و سنة نبيه عليه الصلاة و السلام و و أفقه لكلام العرب و تركيباته لم تفسد فهمهم العجمة كما افسدت لغتنا و فهمنا اليوم و هم اعلم بالسنن و اجمع لها.

قال محمد بن الحسن الحجوي رحم الله في كتابه الفكر السامي (6): وعن عبد الوارث بن سعد قال: قدمت مكة فوجدت فيها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة فسألت أبا حنيفة قلت: ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً؟ قال: البيع باطل والشرط باطل.

ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط باطل.

ثم أتيت ابن شبرمة فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط جائز.

فقلت: يا سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا علي في مسألة واحدة فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط البيع باطل والشرط باطل.

ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة فأعتقها البيع جائز والشرط باطل.

ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة وشرط حملنا إلى المدينة. البيع جائز والشرط جائز. (7)

أما مالك فقد عرف الأحاديث كلها و عمل بجميعها و قسم البيع و الشرط إلى أقسام ثلاثة: شرط يناقض المقصود كشرط العتق فيحذف.

و شرط لا تأثير له كرهن أو حميل فيجوز.

و شرط حرام كبيع جارية بشرط أنها مغنية فيبطل البيع كل، و غيره لم يمعن النظر و لا حرر المناط. اهـ

هذه حال سلفنا الأبرار كانوا يتقون الفتوى و لا يفتون إلا بعد جمع الحديث و فهمه و لا يفتون إلا بما صح عندهم و انظروا إلى اخلاقهم فلم يخطئ احدهم الاخر انما عند الاختلاف اعطى كل دليله و قال "لا ادري ما قالا" فيا عجبا ممن يسفه كلام السلف و فتاويهم و لا أقصد بذلك العلماء إنما أحداث الأسنان الذين جعلوا أنفسهم بمقام السلف.

قال النووي في مقدمته وعن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم من أفتى عن كل ما يسأل فهو مجنون. وعن الشعبي والحسن وأبي حصين بفتح الحاء التابعيين قالوا: إن أحدكم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر. وعن عطاء بن السائب التابعي: أدركت أقواما يسأل أحدهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد، وعن ابن عباس ومحمد بن عجلان: إذا أغفل العالم (لا أدري) أصيبت مقاتله. وعن سفيان بن عيينة وسحنون: أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما. وعن الشافعي وقد سئل عن مسألة فلم يجب، فقيل له، فقال: حتى أدري أن الفضل في السكوت أو في الجواب. وعن الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يكثر أن يقول: لا أدري، وذلك فيما عرف الأقاويل فيه. وعن الهيثم بن جميل: شهدت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري. وعن مالك أيضا: أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها، وكان يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه ثم يجيب. وسئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس في العلم شيء خفيف. وقال الشافعي: ما رأيت أحدا جمع الله تعالى فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة أسكت منه عن الفتيا. وقال أبو حنيفة: لولا الفرق من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت، يكون لهم المهنأ وعلي الوزر. اهـ

قال بن حزم في الإحكام في أصول الأحكام في إبطال التقليد عن قتادة قال: من لم يعرف الاختلاف لم يشم الفقه بأنفه. اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير