تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد الإسلام وجد العرب في القرآن بيانا رائعا، لم يسعف الزمن أهل مكة ويثرب لينهلوا من هذه الآية البيانية وخاصة أن شعراء الإسلام الأوائل كانوا مشغولون بالتحول النفسي من عقائد مضطربة إلى عقائد ألوهية، ومن هيمنة القبيلة لأخوة الإيمان، إذ كانوا مشغولين بتغير مجرى الحياة بما يناسب الدين، فكانوا من عجلة من أمرهم أن يقفوا أمام هذا القرآن كبيان، وإن كانوا مفتونيين بالقرآن كبيان إلا أن المهمة الجديدة شغلتهم عن هذا التماس البياني الذي يجب أن يكون سريعا مع آية النبوة والرسالة، فضلا عن ارتجالهم لمواجهة خصومهم، ونضع هنا مقطوعة لحسان بن ثابت وهو يرد على شاعر تميم (الزبرقان)، وهذه المواقف ما كانت لتمكن الشعراء من إعادة النظر في نتاجهم الشعري ولا تنقيحه، فلذلك أمام هذا الموقف وجدة الدعوة، ومخافة التردي بما يحفظ عليهم رسول الله، وأمام هذا المواقع المتداخل، يجب توقع أن الفن الشعري في هذه المرحلة لن يلقى حقه من التجويد، إلا أننا نستطيع أن نرى أثر العقيدة الجديدة في هذه القصيدة مثلا:

إنّ الذوائِبَ من فهرٍ وإخوتهِم ..... قد بيّنوا سُنّةً للناسِ تُتّبَعُ

يرضى بها كلّ مَن كانت سريرتهُ ..... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا

قومٌ إذا حاربوا ضرّوا عدّوَهُمُ ..... أو حاولوا النفعَ في أشياعِهِم نفعوا

سجيّةٌ تِلْكَ مِنهُم غيرُ مُحدَثَةٍ ..... إنّ الخلائقَ فاعلم شرّها البِدَعُ

لا يرفقُ الناس ما أوهتْ اكفّهُمُ ..... عند الدفاعِ ولا يوهون ما رقعوا

إن كانَ في الناس سبّاقونَ بعدَهُمُ ..... فكل سبقٍ لأدنى سبقِهِم تَبَعُ

أعِفّةٌ ذُكِرَتْ في الوحيِ عِفّتُهُم .... لا يطمعون ولا يُزري بهم طَمَعُ

ولا يضنّون عن جارٍ بفضلِهُمُ .... ولا يمسّهُمُ مِن مَطمعٍ طبعُ

يسمون للحرب تبدو وهي كاحلةٌ ...... إذا الزّعانف من أظفارها خشعوا

لا يفرحون إذا نالوا عدوّهم ..... وإن أصيبوا فلا خورٌ ولا جزعُ

كأنّهم في الوغى والموت مكتنعٌ ..... أسود بيشة في أرساغها فَدَعُ

خذ منهم ما أتى عفواً وإن منعوا ...... فلا يكن همّك الأمر الذي منعوا

فإنّ في حربهم - فاترك عداوتهم ....... سمًّا يخاض عليه الصّاب والسّلعُ

أكرم بقومٍ رسول الله قائدهم ....... إذا تفرّقت الأهواء والشّيعُ

أهدى لهم مِدَحي قلبٌ يؤازره ........ فيما أراد لسانٌ حائكٌ صَنِعُ

فإنّهم أفضل الأحياء كلّهم ........ إن جدّ بالناس جدّ القول أو سمعوا

· دخول حسان كان مباشرا، فتخلص من تلك المقدمات الطللية، ففي بوابة القصيدة نراه يجمع بين المهاجرين والأنصار وبرز مفهوم الأخوة وكيف كان اجتماع هذه الجماعة على البر وبيان سبل الحق.

· ونجد أنه استبدل القصيدة الطويلة، بالمقطوعة، التي تخلى فيها عن المقدمات وذلك بسبب جدة العهد، وارتجاله.

· تغير القيم المدحية والمضامين الفكرية، فأصبحت إسلامية، يفخر فيها بنصر النبي ومآزرته ... الخ، كما أنه ذكر بعض القيم الجاهلية التي أقرها الإسلام، بعد أن صعدها في مرضاة الله.

· أما الألفاظ فنلاحظ تأثرها بالقرآن مما زادها رونقاً وسلاسة.

· إفادته من الصور القرآنية، وإن كان قليلة لأنها كانت تحت الارتجال فلم يمهله الزمن لتنقيحها.

أتمنى أن أكون قد كتبت ما يستفاد منه ..

ـ[أنوار]ــــــــ[26 - 11 - 2010, 06:13 م]ـ

بارك الله في السائل والمجيب ..

وأوافق هذه المقولة:

لا شك في أن لغة حسان الشعرية تغيرت، إلا أن ذلك لم يكن ضعفا،

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير