تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل تغيرت لغة حسان الشعرية قبل الإسلام وبعده؟]

ـ[عبد الله التميمي]ــــــــ[22 - 11 - 2010, 07:08 م]ـ

السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ

لقد وَقفتُ على رأيِّ الأصمعي الذي لا أَخاله يَخفى على حضراتِكُم و الذي فَحوَاهُ ((أنَّ شعرَ حسانَ

بن ثابتٍ رضي الله عنه لانَ بعدَ إسلامه)) وهذا الكلامُ موجودٌ في نصينِ للأصمعي ....

فهل توافقونه على هذا الرأي؟

و إنْ كان كذلك فما السبب في هذا الضعفِ؟

ـ[راعي العليا]ــــــــ[26 - 11 - 2010, 02:28 م]ـ

لا شك في أن لغة حسان الشعرية تغيرت، إلا أن ذلك لم يكن ضعفا، فابن خلدون يقول أن الإسلام كان سببا في تطور الشعر ورقته، وتفوق الإسلاميين على الجاهليين، لأنهم سمعوا الطبقة العالية من البلاغة، وهي القرآن، وذلك لم يتأتى للجاهليين.

فلو أخذنا مثلا، قصيدتان لحسان إحداهما جاهيلة والأخرى بعد إسلامه لوجدنا اختلافا في الشكل والمضمون ولنأخذ قصيدته الجاهلية

أسَألتَ رَسْمَ الدّارِ أمْ لَمْ تَسْألِ**بينَ الجوابي، فالبُضَيعِ، فحَوْمَلِ

فالمرجِ، مرجِ الصفرينِ، فجاسمٍ،**فَدِيَارِ سلْمى، دُرَّساً لم تُحلَلِ

دمنٌ تعاقبها الرياحُ دوارسٌ،**والمدجناتُ من السماكِ الأعزلِ

دار لقوم قد أراهم مرة**فوقَ الأعزة ِعزهمْ لمْ ينقلِ

لله دَرُّ عِصَابَة ٍ نادَمْتُهُمْ،**يوْماً بجِلّقَ في الزّمانِ الأوَّلِ

يمشونَ في الحُللِ المُضاعَفِ نسجُها،**مشيَ الجمالِ إلى الجمالِ البزلِ

الضّارِبُون الكَبْش يبرُقُ بيْضُهُ،**ضَرْباً يَطِيحُ لَهُ بَنانُ المَفْصِلِ

والخالِطُونَ فَقِيرَهمْ بِغنيّهِمْ،**والمُنْعِمُونَ على الضّعيفِ المُرْمِلِ

أوْلادُ جَفْنَة َ حوْلَ قبرِ أبِيهِمُ،**قبْرِ ابْنِ مارِيَة َ الكريمِ، المُفضِلِ

يُغشَوْنَ، حتى ما تهِرُّ كلابُهُمْ،**لا يسألونَ عنِ اليوادِ المقبلِ

يسقونَ منْ وردَ البريصَ عليهمِ**بَرَدَى يُصَفَّقُ بالرّحِيقِ السَّلسَلِ

يسقونَ درياقَ الرحيقِ، ولمْ تكنْ** تُدْعى ولائِدُهُمْ لنَقفِ الحَنْظَلِ

بِيضُ الوُجُوهِ، كريمَة ٌ أحسابُهُمْ،**شُمُّ الأنوفِ، من الطّرَازِ الأوّلِ

فَلَبِثْتُ أزْماناً طِوَالاً فِيهِمُ،**ثمّ ادّكَرْتُ كأنّني لمْ أفْعَلِ

إمّا تَرَيْ رأسي تَغَيّرَ لَوْنُهُ**شَمَطاً فأصْبَحَ كالثَّغامِ المُحْوِلِ

ولَقَدْ يَرَاني مُوعِدِيَّ كأنّني**في قَصْرِ دومَة َ، أوْ سَواءَ الهيْكلِ

ولقد شربتُ الخمرَ في حانوتها،**ضهباءَ، صافية ً، كطعمِ الفلفلِ

يسعى عليَّ بكأسها متنطفٌ،**فيعلني منها، ولوْ لم أنهلِ

إنّ الّتي نَاوَلْتَني فَرَدَدْتُها**قُتِلَتْ، قُتِلْتَ، فهاتِها لم تُقتَلِ

كِلْتاهُما حَلَبُ العَصيرِ فَعَاطِني**بِزُجاجَة ٍ أرْخاهُما للمِفْصَلِ

بِزُجاجَة ٍ رَقَصَتْ بما في قَعْرِها،**رَقَصَ القَلوصِ براكبٍ مُستعجِلِ

نسبي أصيلٌ في الكرامِ، ومذودي**تَكْوي مَوَاسِمُهُ جُنوبَ المصْطَلي

وَلَقَدْ تُقلّدُنا العَشِيرَة ُ أمْرَها،**ونَسُودُ يوْمَ النّائبَاتِ، ونَعتَلي

ويسودُ سيدنا جحاجحَ سادة ً،**ويصيبُ قائلنا سواءَ المفصلِ

ونحاولُ الأمرَ المهمَّ خطابهُ**فِيهِمْ، ونَفصِلُ كلَّ أمرِ مُعضِل

وتزورُ أبوابَ الملوكِ ركابنا،**ومتى نحكمْ في البرية ِ نعدلِ

وَفَتًى يُحِبُّ الحَمدَ يجعَلُ مالَهُ**من دونِ والدهِ، وإنْ لم يسألِ

باكرتُ لذتهُ، وما ماطلتها، بِزُجاجَة ٍ مِنْ خَيْرِ كرْمٍ أهْدَلِ

فنجده هنا:

· يبدأ حديثه بقصيدة طللية، يحاول فيها مجاراة الآخرين إلا أن حديثه بدا ضامرا، فاستعاظ عن مواجع الشعراء ودموعهم بذكر مواقع ليست دمنا بل واحت في طريقه لدمشق، وذلك بسبب بيئته الحضرية التي لم تألف الدمن، كما أنه لم تكن لديه معاناة.

· القيم المدحية في هذه القصيدة (الخمرة-ويكني بها عن الكرم-، وبقاؤهم بجوار آبائهم-الاستقرار- وهي قيمة مدحية جديدة تحسب له)

· الاندفاع الشعوري، فلا يستطيع يمساكها حتى ينتهي من الفكرة التي بدأها، ثم يلتفت لفكرة أخرى.

· اختفاء الكلمات الجزلة التي كان يتعاورها الشعراء الجاهليون، وذلك نتيجة للبيئة الحضرية التي عاشها، وهذا الوضوح نلمسه في أدائه المباشر للمعاني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير