تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قراءة نقدية لقصيدة احتواء للدكتور فوزي عيسى]

ـ[هدى عبد العزيز]ــــــــ[26 - 11 - 2010, 01:48 م]ـ

احتواء

أتيْتُكِ

أحْمِلُ في قلبي المُسْتباحِ

عَذابَ المُحبين

ألتمِسُ البرء

لا توصدِي الباب َ دونِي

ولا تُنكريني

فكُل المنازل ِ

قدْ أوصدت ْ بالأسنة ِ أبوابها

وكل المصابيح ِ

قد أطفأتْها الرياح

وكل المسافات ِ تُفضي إلى الوهم ِ

والمستحيل

وكل العيون تُحاصرني

تقتفيني

وحين رأيتك ِ خلفَ السرابِ البعيد ِ

قطعتُ المسافات ِ عَدوا إليكِ

وقدْ طالَ ليلي

فلا تخذلِيني

سَأُعْطِيكِ وَشْوَشة َالريحِ ِفي الصيف ِ ,

همسَ النّسيم ِالمسافر ,

عطرَ الربيع ِالمُطرز ِبالنّوْر ِ

بحرا من اللازورد

بلون ِعيوني

سأعطيكِ صهوةَ هذا الجواد ِ

المُطهم ِ بالحب

في زمن تتراجع ُ فيه الخيول ُ

عن الكرِّ والفرِّ ....

تختال ُ فيه بغاثُ الطيور ِ

فمدي يديك ِ ,

فإني توضأت ُ من موج عينيك ِ

هيأت ُ دربي للفجر ِ ,

أوقفتُ عمري عليك ِ

حلمت ُ بعينيك ِ منذ الطفولة ِ ـ

نهراً مِن الدفء ِ يسكنني .....

يحتويني ..... *

*الأعمال الشعرية الكاملة. د فوزي عيسى , ص69 , من ديوان لدي أقوال أخرى , دار العبادي للنشر الإسكندرية. 2010 م

1ـ يقول الشاعر (أتيتك ُ)

يبدأ الشاعر قصيدته بفعل مضارع يُعبر عبره عن مدى سعيه الحثيث لامتلاك قلب محبوبته والفوز به , فهو الآتي لها, القادم نحوها بكل حب واندفاع.

إن هذه المقدمة الجريئة التي بدأ بها الشاعر قصيدته تدل على مقدار الحب الذي يكنه لمحبوبته.

2 ـ أحملُ في قلبي المستباح ِ

لقد أتى لها حاملا في قلبه الذي استباحه لها وحدها. وهذه العبارة تبين لنا مدى التنازلات التي قدمها بكل حب لحبيبه الذي يراه يستحق كل تلك الأمور التي بذلها له. ونُلاحظ هنا زمن الفعل المضارع الذي يوحي بالتجدد والاستمرار فهو مازال مُحبا لها متعلقا بها فهي محط اهتمامه ولا زالت تتربع على عرش قلبه.

3 ـ عذاب المُحبين

وهنا نعرف أن الحبيب يُعاني في هذا الحب كما يُعاني كل المحبين من وهج الشوق الذي يُشعل القلوب حيث ُ يُعاني من بُعد الحبيب وفراقه.

فيا له من حمل ثقيل ينوءُ به قلب شاعرنا الواله.

4 ـ ألتمسُ البرء

وشاعرنا لا يكتفي بأن يُقدم لحبيبته قلبه ويستبيحه لها وحدها وهو صاحب القلب الرهيف الذي يُعاني الشوق ويُكابد الحرمان في هذا الحب, ولكنه أيضا يلتمس ُ من محبوبته البرء أي هو يُريدها له صافية نقية. لا يشوب حبهما أي كدر. فهو الباحث عن الحب النقي البريء الطاهر الذي لا يُكدّره أي شوائب.

5 ـ لا توصدي الباب دوني

هنا يبلغ الشاعر أوج تقربه لحبيبته فهو لا يخجل من إظهار حاجته لها ولا يكتم ُ أمامها هيامه بها. فهو الطالب لقربها الذي يبغي الوصل متمنيا أن لا تغلق باب الوصال أمام هذا الحب العظيم.

6 ـ ولا تنكريني

إنّ أشد ما يُؤلم القلب هو النكران والجحود لعهد قديم جميل ,فكيف إنْ كان هذا النكران مِن المُحِب!! حتما سيكون النكران الأقسى والأكثر ألما في النفس.

هو لا يُريد منها أن تنكرَه لأن قلبه لن يحتمل هذه القسوة ,وكأن لسان حاله أنه يخشى هذا الأمر منها أو ربما يتوقعه ولذا هو يُمهدُ لهُ, لعلها تسمع ُ أنينه ورجاءه فتعترف بالحب العظيم وتكتمل سعادة قلبين لأن الاعتراف هو أول وأقوى الخطوات في الحب هو يحتاج للجرأة والمواجهة مع الذات أولا ثم مع الآخر فشاعرنا خبير بالنفوس يعرف مكامن الأحاسيس وهذا ينم ُ عن رهافة حسه ومدى شفافيته من جهة, ومن جهة أخرى يدل على معرفته الواثقة بمحبوبته.

7 ـ فكل المنازل ..

8 ـ قد أوصدت ْ بالأسنة ِ أبوابها.

لا يفتأ الشاعر بالدفاع عن حبه, ومحاولته المستميتة لأن يكون واقعا في قلب كلا الطرفين, وهذه مِن سمات الرجل القوي الذي لا يتوانى سعيا عن أهدافه. وهذا حال شاعرنا الذي كرّس جُهده لينتصرَ أمامَ محبوبته بفوزه بقلبها, فهو هنا يستعطفها ويُثير شفقتها نحوه لعلّ قلبها يرق وروحها تُحِسُ بروحِه, لأنه يَعرض لها أنّ كل السبل ِفي حياتِه قد أُوصِدتْ عنهُ بالأسنة, ِوفي هذهِ العبارة دلالة على المعارك التي يواجهها الشاعر في حياتِه فهو شخص مُحَارب بدلالة القرينة ـ الأسنة ـ مما يدل على أنه إنسان غير عادي, ففيه الطموح والإباء وفيه حب المجد وحب التميز, ولديه رغبة أن يكون َفي أرقى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير