تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويرى ابن خلكان: «أنّ أبا العلاء لم ينصف الشاعر بهذا المقال الذي حمله عليه تعصّبه للمتنبي» غير أنه قبّح شعره لما فيه من الكفر وفساد العقيدة. وليس في هذا التقبيح ما يضير الشاعر لأن الفنّ الجميل لا يقاس على صحة العقائد وصلاح الشعر، فلا يمسّ الكفر وفساد العقيدة جوهر الشعر بشيء.

وقد اختلف المؤرخون والأدباء فيه، فمنهم من أنكروا عليه الاختراع والتوليد إلا فيما ندر، كابن رشيق، ومنهم من مدحوا شعره وأبدوا إعجابهم ببدائعه وبما اخترع وولّد، ولا ينعون عليه «إلا كفره وتجرّده من الدين» كالفتح بن خاقان فقد قال فيه: «علق خطير: وروض أدب نضير، غاص في طلب الغريب، حتى أخرج درّه المكنون، وبهرج بافتنانه فيه كلّ الفنون، وله نظم تتمنى الثريا أن تتوّج به وتقلّد، ويودّ البدر أن يكتب فيه ما اخترع وولّد».

وعلى أن ابن هاني أندلسي، لا نرى له شيئاً يذكر في وصف الطبيعة الذي هو من خصائص الشعر الأندلسي. وكان كالمتنبي في الاحتفال بالحكمة وضرب الأمثال، ولكنه لم يجاره، وجاءت حكمة ساذجة، قائمة في أكثرها على شكوى الدهر وذكر الموت والتحذير من الدنيا الغرور. ولم يكن له يد في وصف المعارك كأبي الطيّب وإنما أجاد في وصف السفن، وتأثير وقع نيرانها في العدو.

وهو طويل النفس الشعري، فقليل من قصائده لا يربي على السبعين أو الثمانين أو أكثر، وكثير منها يتجاوز المئة ومنها ما بلغ المئتين، على أنّه مهما أطال لا ينحطّ نسجه وإنما يبقى متانته وقوة سبكه.

هذا تعريف بسيييييط جدا للشاعر العظيم ابن هانئ الأندلسي

وهذا أكثر أبياته دخلت إلى قلبي فتذوقوها معي وقولوا مارأيكم في معاني هذا الشاعر وما رأيكم في ألفاظه هل تشعرون بمدى حلاوتها وعمقها في النفس كما أشعر؟؟؟:)

ألا كلُّ آتٍ قريبُ المَدى

و كلُّ حياة ٍ إلى منتهى

و ما غرّ نفساً سوى نفسها

وعُمْرُ الفتى من أماني الفتى

فأقْصَرُ في العينِ من لَفْتَة ٍ

و أسرعُ في السمعِ من ذا ولا

ولم أرَ كالمرْءِ وهو اللبيبُ

يرى ملءَ عينيهِ ما لا يرى

و ليسَ النَّواظرُ إلاّ القلوبُ

وأمّا العيونُ ففِيها العمى

ومنْ لي بمثلِ سلاح الزّمانِ

فأسْطو عليه إذا ما سطا

يجدُّ بنا وهو رسلُ العنانِ

و يدركنا وهو داني الخطى

برى أسهماً فنبا ما نبا

فلم يبقَ إلاَّ ارتهافُ الظُّبى

تراشُ فترمى فتنمي فلا

تَحِيدُ وتُصْمي ولا تُدَّرى

أأهضمُ لا نبعتي مرخة ٌ

و لا عزماتي أيادي سبا

على أنّ مِثلي رحيبُ اللَّبانِ

على ما ينوبُ سليمُ الشظى

و لو غيرُ ريبِ المنونِ اعتدى

عليّ وجرّبني ما اعتدى

خليليّ هل ينفعنّي البكاءُ

أوِ الوَجدُ لي راجعٌ ما مضى؟

خليليّ سيرا ولا تَربعَا

عليّ، فهَمّيَ غيرُ الثَّوى

ولي زَفَراتٌ تُذيبُ المَطَيّ

و قلبٌ يسدُّ عليّ الفلا

سلا قبل وشك النوى مدنفاً

أقَضّتْ مضاجِعهُ فاشتكى

وراعى النّجومَ فأعشَيْنَه

فباتَ يظنُّ الثّريّا السُّهى

ضلوعٌ يضِقنَ إذا ما نَحَطنَ

و قلبٌ يفيضُ إذا ما امتلا

وقد قلتُ للعارض المكفَهِرِّ:

أفي السِّلم ذا البرقُ أم في الوغى؟

وما بالُه قادَ هذا الرّعيلَ

و قلّدَ ذا الصّارمَ المنتضى

و أقبلهُ المزنُ في جحفلٍ

و أكذبَ أن صدّعني الكرى

أشيمكَ يا برق شيمَ النُّجيمْ

وما فيك لي بَلَلٌ من صَدى

كِلانا طَوى البيدَ في ليلِهِ

فأضعفنا يتشكّى الوجى

فجبتَ الغمامَ وجبتَ الغرامَ

حنانيك ليس سُرى ً من سُرى

أعِنّي على الليل ليلِ التّمامِ

و دعني لشاني إذا ما انقضى

فلو كنتُ أطوي على فتكهِ

تكشّفَ صبحي عن الشَّنفري

و ما العين تعشقُ هذا السّهادَ

ووَدّ القَطا لو ينَامُ القَطا

أقولُ وقد شقّ أعلى السحابِ

و أعلى الهضابِ وأعلى الرُّبى

أذا الوَدْقُ في مثل هذا الرّباب

وذا البْرقُ في مثل هذا السنا

ألا انهلّ هذا بماءِ القلوبِ

وأوقدَ هذا بنارِ الحشا

فيهْمي على أقْبُرٍ لو رأى

مكارمَ أربابها ما هَمَى

و في ذي النواويسِ موجُ البحارِ

وما بالبحارِ إليْهِ ظِما

هلمّوا فذا مصرَعُ العالمينَ

فمن كلّ قلبٍ عليهِ أسى

وإنّ التي أنْجَبَتْ للورى

كآلِ عليّ لأمُّ الورى

فلوْ عِزّة ٌ أنْطَقَتْ مُلحَداً

لأنطقَ ملحدها ما يرى

بكتْه المغاويرُ بِيضُ السيوفِ،

و هذي العناجيجُ قبُّ الكلى

ولّما أتينا سقَتْه الدموعُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير