تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[29 - 10 - 2007, 01:23 ص]ـ

الأمر الأول – حسن النية وسلامة القصد:

قد يتعرض الناقد لغيره فيبين هفواته لسوء علاقة بينهما، ويندفع في تحامله، ويترصد ما يخيل إليه أنه خطأ، فيجانب القصد في النقد.

والذي يتابع مناظرات التصحيح اللغوي في القرن الماضي بين أصحابه يعرف شيئًا سودت به صفحات نابعًا من موقف كهذا. وفي ذلك ما فيه من ضرر على العربية. وأذكر يوم كنت طالبًا في الكلية إذ سلّمني أُستاذ سنة 1967م ورقات وطلب نشرها في مجلة (الأقلام). فلما اطلعت عليها وجدتها نقدًا موجعًا لبحث عنوانه (الخليل بن أحمد الموسيقي) كتبه أُستاذ فاضل.

وتدور التنبيهات حول (ما جاء فيه مخالفًا للأساليب الفصيحة) على ما ذكره الناقد الذي صارحته بما في المقال من انتقاص من علم الرجل. فقال: تصرف فيها وانشرها.

ما زلت أحتفظ بمسودة الرد بخط كاتبه، ولذلك سأنقل مما عدّه مخالفًا لسنن العربية، وما وضعه بديلاً إزاءه:

- من أصوات غريبة عليها = .... غريبة عنها.

- العمل من أجلها ... = العمل لمصلحتها. أو: العمل لمنفعتها.

- لا يكتفي بالأداء الآلي والصوتي = لا يكتفي بالأداء الآلي والأداء الصوتي.

- دارت عند من بعده = دارت عند من هو بعده.

- لا يتبقى عليه = لا يبقى. أو: لا يتبقاه.

- ولا زال الكتابان مفقودين إلى اليوم = ما زال ... (مع حذف: إلى اليوم، لزيادتها).

- وإذا بنا أمام رأيين = وإذا نحن إزاء رأيين.

ثم ختم تصحيحاته قائلاً: (هذا ما بدا لي أن أسجله إشارة إلى ما عرض للأساليب من جنوح عن سنن العربية الفصيحة).

وفي الوقت الذي ذهب فيه الأستاذ هذا المذهب وجدته ينعى على المعاصرين هذا النمط من النقد، ويوجه إليهم لومه. يقول: (إن المعاصرين لا يحق لهم أن يقولوا: إنّ هذا الاستعمال خطأ، وإنّ هذا البناء لا تعرفه العربية، وذلك لأن استقراءهم للعربية أبعد ما يكون عن النمط الوافي الكافي ... ولأن من العسير أن يحيط المرء بما قالته العرب وما لم تقله ... لقد فات هؤلاء أن الكثير مما يشدد النكير عليه ينبغي أن ينظر إليه على أنه لغة جديدة أو عربية معاصرة وليس خطأ.

إن القول بالخطأ يأخذ علينا الأقطار، ولا ييسر علينا أن نواجه الجديد الذي تفرضه علينا حضارة جديدة وعصر جديد، إن عامة ما يكتب في الصحف في حيز الأخبار السياسية والتعليقات شيء من هذا الجديد، فكيف يسوغ لنا أن نحمله على الخطأ؟) [7].

الأمر الثاني – الاطلاع على قرارات المجامع اللغوية:

فهذه المجامع لم تكن نائية عن هذا الموضوع القديم الجديد، فهي تابعت آراء أصحابه، وألَّفت اللجان لدراستها، والتحكيم فيها تجويزًا أو منعًا، ونشرت قراراتها في محاضر جلساتها وفي مجلاتها.

وفات قسمًا من المتصدين لنقد الأساليب معرفةُ هذا، ودخلوا الميدان مكررين منع استعمال أساليب أجازتها المجامع.

الأمر الثالث – النظر في ردود العلماء على النقاد:

قيض الله لهذه اللغة علماء أوتوا العلم بخصائصها ودقائق نحوها وصرفها، وقواعد اشتقاقها، وطرق مقاييسها وبلاغتها. ولاحظوا بدقة ما صدر عن المصوبين من أحكام. ومازوا جيدها من رديئها، وسمينها من هزيلها، وردُّوا غير المصيب بالدليل، واحتجوا عليهم بالشاهد الصحيح، ونشروا التصويبات على صفحات المجلات، وفي الصحف، وأخرجوها في كتب مستقلة.

إن الرجوع إلى هذه الآراء، والإفادة منها ضروريّ لمن يتصدى لتقويم الكلام. والذي ينقل من كتب التصويب اللغوي ولا يعرف ما كتب عنها من ردود وتصويبات، وما سجل على أصحابها من مآخذ سيقع فيما أراد أن ينتشل منه الآخرين.

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[11 - 11 - 2007, 01:35 ص]ـ

الأمر الرابع – معرفة قوانين البلاغة وفن القول:

قد يأتي الاعتراض على الصحيح من قلة المعرفة بتنوع الأساليب في أداء المعنى الواحد. فقد يتوخى المنشئ لكلامه الجمال فيزينه بزينة المجاز، ويستعير له ثياب البلاغة، ويرفعه مكانًا يكلُّ دونه بصر الناقد، فيمنع استعمال ألفاظه التي جازت إلى تلك المعاني الدقيقة.

وهذا جهل قديم دفع المصابين به إلى تسديد سهامهم نحو الشعراء والأُدباء حين جهلوا أسرار البيان العربي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير