تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[11 - 11 - 2007, 01:36 ص]ـ

الأمر السابع – الفهم السليم وحسن الإدراك:

عُرَّيت طائفة من غير أهل العلم بترديد ما ذكره أهل التصحيح من المتقدمين ومن تبعهم في هذا القرن فراحوا يستعيرون أشتاتًا مما صُنِّف قبلهم، ويُسيئون الاستعارة أحيانًا، لأنهم أساءوا الفهم، ولأنهم لم يملكوا من العلم ما اتصف به أولئك الأجلّة، فالتبس الأمر عليهم، واقترفوا الخطأ من حيث أرادوا الصواب.

ومن ذلك ما فهمه بعضهم من ضعف زيادة الواو قبل "الذي" وشبه من الأسماء الموصولة أو الخطأ إثباتها في مثل (قرأت في كتاب القواعد والذي فيه نصوص كثيرة) فكان يعدُّ الواو قبل الاسم الموصول زائدة ممنوعًا إثباتها حتى في مثل (الكتاب الذي ألفه ابن عقيل والذي يدرسه الطلبة هو شرح الألفية)، غير عارفٍ الفرق بين التركيبيين.

الأمر الثامن – التقصي الواسع في غير معجمات اللغة:

يمنع الكاتب أحيانًا استعمال كلم أو عبارة بحجة أنها لم ترد بهذا المعنى أو بتلك الصيغة، ويصدر حكمه من خلال استفتائه معجمًا أو أكثر من معجمات اللغة ظنًا منه أن المعجم القديم كامل وتام، وما درى أن كلام العرب واسع وكثير، والمعجم لا ينبض دليلاً وحده على المنع في أحيان كثيرة، لأن أشياء ليست قليلة ندت عن معجماتنا على الرغم مما بذله مصنفوها من جهد في إحكامها، ففي كتب الأدب الأصول، وكتب الحديث الشريف، والسيرة النبوية، ودواوين الشعراء وشروحها، وكتب اللغة بأنواعها صيغ وأساليب ومشتقات، ومواد، وتراكيب لم تدخل في المعجمات. وما الاستدراكات عليها والتكميلات التي يصنعها اللاحقون والحواشي والتتمات إلا دليل على أن الاعتماد عليها وحدها في المنع غير كاف.

الأمر التاسع – الأمانة في النقل ونسبة المسائل إلى أهلها:

يكرر بعض المعاصرين ملاحظاتٍ في الإصلاح اللغوي ليست جديدة سمعنا بها وقرأناها حتى إننا لنجد الفكرة الواحدة تدور في أكثر من مكان ويسجلها أكثر من كتاب في أوقات متقاربة أحيانًا على أنّ هناك من تجرأ على النقل التام من كتب التصويب اللغوي حين قصر به شأو التحقيق والتدقيق.

إنّ الاغتراف مما كتبه المصححون واستنساخ آرائهم من غير إشارة إلى مصدرها أو إلى أصحابها مجانب للأمانة وغمط لفضل المتقدم؛ إذ يوحي إلى القارئ أنه من بنات فكر الكاتب (الناقل). والحق يوجب الإشارة إلى صاحب الرأي أو إلى مصدره أو إلى كليهما.

الأمر العاشر – الاهتمام بما يغني اللغة وينفع المنشئين:

مضى بعض أهل التصويب بعيدًا حين أولعوا بتصيُّد الهفوات، ودفعهم هذا إلى أن يتشبثوا بخطأ نادر أو يركضوا وراء كلمة أو عبارة لا تقدم في معنىً، ولا تؤخر في أُسلوب، سقطت من فم من لا يحسب لكلامه حساب، أو وقعت في رقعة من لا يُؤبه له، ثم اتخذوها موضوعًا يغنون به مقالهم. وربما انساقوا في هذا النهج فعدُّوا أغاليط الشداة من هذا الباب.

وذلك فيما أرى لا يقدم منفعة، ولا يزيد وعيًا ما دام القصد منه تكثير الكلام، وتسمين المقال. وهو اهتمام بما لا يستحق أن يوقف عنده.

إن النقد الذي يغني اللغة، وينفع الباحثين هو تعديل ما شاع بينهم، وسرى على ألسنتهم.

إنّ معرفة هذه الأُمور، وحسن الاستعانة بها يبعد أهل التصحيح عن العثار، ويجنبهم الغلو في التخطيء، ذلك أن المتتبع يجد لطائفة منها حاجة إلى التصحيح، إذ لم تصدر عمن احتاط للأمر كثيرًا، وأخذ بما ذكرت.

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[11 - 11 - 2007, 01:38 ص]ـ

والمثال الذي سأُقدمه الآن يعزز ما ذهبت إليه من أخطاء المصوبين في ما اعترضوا عليه. ورأيت أن يكون قريبًا من متناول قارئ (مجلة التعريب) وسأنشر فيها.

ففي العدد (22) لسنة (2001م) تصدى الأستاذ الدكتور كاصد الزيدي في مقاله (نظرات في أساليب التعريب) لتصويب تراكيب استعملها مترجمون معاصرون.

ومما صوبه من أساليب إدخال حرف الجر في مفعول الفعل المتعدي بنفسه. يقول: (فمن ذلك الفعل (لاحظ) الذي كثيرًا ما يعديه المعربون فيما تبين لي بحرف الجر الباء فيقولون (لاحظ بأن) والصواب: لاحظ أنَّ. ومثله "يرى بأن" وصوابه: يرى أنّ، لأنه لا يقال رأيت بذلك الشيء بل يقال: رأيت ذلك الشيء. ومثله قولهم: يسمى بعلم اللغة. والصحيح: يسمى علم اللغة، من غير باء. والشاهد عليه القرآن الكريم. فقد قال تعالى: {وإنِّي سمَّيتها مريم} [آل عمران 36] [9].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير