تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإنما التجديد ولا أقول الانقلاب في الصيغ الجمالية والبلاغية، واستحداث عناصر للدلالة بالتداعيات الفكرية والنفسية، وبالتضمن واللزوم، وبتوسع دلالة الكناية كما في قصيدة سوق القرية,, وهذا التجديد الضروري المبارك لا أسميه انقلاباً؛ لأنه ليس على أنقاض الثوابت اللغوية، وليس نفياً للقيم الجمالية التاريخية، وإنما هو إضافة,, اي نمو لغوي، وثراء إبداعي,

أما الانقلابية فخيال أطفال,, ليس في القدر الخائب للفرد أن يستأنف حياة الأمة من جديدٍ لغةً وفكراً وحساً جمالياً,

إن النموذج الحداثي الإبداعي في تدفق دائماً بين مد وجزر,, أما التنظير النقدي للأدب الحداثي سواء أكان بلسان نزار، أم بلسان نقيضه أدونيس فسفسطة ومكابرة وفحيح مخدَّرين؛ ولهذا فهو لا يرتاد أي منطلقات رحبة للنموذج الابداعي,, والتنظير الادبي للنموذج الإبداعي الحداثي هو ما كان تالياً للنموذج الإبداعي وليس سابقاً له,, يدرسه بوعي من خلال معطيات العلم والفكر والنظريات الجمالية، ومن خلال ذائقة الجماهير مصنفين على فئات: من الفطري الساذج، إلى العالم البليد الحس، إلى المرهف الحس ذي الثقافة العالية المتنوعة,

والإبداع له وصف لغوي بأنه جديد,, أما قيمة هذا الجديد بحيث يكون إبداعاً معتبراً فيحتاج إلى وصف آخر غير الجدة، وهو أن يكون مزكى من القيم كالقيمة الجمالية,

وأورد الصادق شرف هذه الكلمة للدكتور محمد مصطفى هدارة: الشكل الجديد,, أي الشعر الحر يقوم على وحدة التفعيلة دون التزام للنظام الموسيقي للبحور المعروفة كما أن شعراء القصيدة الحرة يرون أن موسيقى الشعر ينبغي أن تكون نابغة من الألفاظ ذاتها، مرتبطة بمدلولاتها، كما ينبغي أن تكون انعكاساً للحالات الانفعالية عند الشاعر 3 ,, ثم علق بقوله: الينبغية لاتكون إلا في العلوم الصحيحة، أما الشعر فهو يتبع حالما يتغير نفسه,, بحيث لا تُقيِّده لفظة، ولا مدلولها، ولا انعكاس حالة نفسية أو مرضية بقدر ما يتمادى في ذلك الانسياب التلقائي,, لا يحده تأطير ناقد أو حكم قانون نظري 4 ,

قال أبو عبدالرحمن: وهذه ورطة ثانية من ورطات المنظرين الحداثيين كأنهم خارج الكون الذي خلقه ربهم، وكأن هناك كوناً منفلتاً من قوانين تضبطه؛ فقالوا: ليس في الشعر: ينبغي، ولا ينبغي,, وتلقف هذه الكلمة كل حدث غر، وكل متمعلم,

وإنما المؤاخذة لأمثال هدارة إذا وظف ينبغي ولا ينبغي لنمط جمالي معين يقسر الشاعر عليه,, أما إذا كان الأمر عن حالات جمالية جديدة أو تاريخية فلا ترصد مواصفاتها في الموضوع ووجودها في الذات إلا بهوية محددة بحيث يقال: إذا أريد مثل هذه الظاهرة الجمالية فينبغي كيت وكيت,

كذلك الشعر من الفنون الجميلة، وهو فن قولي، وله هوية أخصها الموسيقى,, وليس من حق المنظر أن يحجر واسعاً، ويحصر المواهب في عروض الخليل بن أحمد بمقولة: ينبغي ,, ولكن تعامله الصادق فكراً وجمالاً يحتم عليه أن يجعل العنصر الموسيقي هو ما ينبغي في الشعر,, وموسيقى الشعر أرحب من أعاريض العرب والعجم المأثورة,

قال أبو عبدالرحمن: وأما ما يتعلق بالسياب وبقصيدته أنشودة المطر فأتناوله في مناسبة قادمة إن شاء الله,

قال أبو عبدالرحمن: هذا الانقلاب إن كان على عمومه، وعلى حقيقة اللغة المعبرة عنه: فشأنه ما أسلفته,, وإن كان الانقلاب جزئياً، واللغة مجازية: فالمجال مجال تنظير وتأصيل، ولا تصلح اللغة المجازية لبناء النظريات والأصول,

حواشي:

،1 وزن الشعر الحر ص 41 - 43 عن الكتابة عمل انقلابي ص 7 - 8/ منشورات نزار بلبنان,

،2 انظر عن الدهشة كتابي مبادىء في نظرية الشعر والجمال 1/ 452 - 453 في سياق كلامي عن المصطلحات الجمالية,

،3 وزن الشعر الحر ص 112 عن الاتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر للدكتور عبدالحميد حيدة/ مؤسسة نوفل للنشر,

،4 وزن الشعر ص 112] حاشية [,

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير