تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإسلامي وهو جزآن للدكتور محمد أديب الصالح,, واقرن بذلك الإلمام بقواعد الفقه كقواعد ابن رجب، والفروق للقرافي؛ لأنها تأصيل من علم الدلالة,, واقرأ ولا تسأم بعقيدة أنك تتلقى منهجاً، وفكرة لا نهائية,, أي أنك لست في الحضانة، بل تقرأ بمحاكمة، وطلب دليل، ودحض اعتراض,, وذك بعد التأهل العلمي والفكري,, أي اجعل المحاكمة والتأهل يتزامنان,, وإذا حذقت اللغة ولحن الخطاب على هذا المستوى فقد نبت لك جناح صلب تحلق به على التفسيرات والشروح غير المعقولة.

والوقت بحمد الله كثير مبارك لمن أراد أن يُنَقِّيَ أوقات النشاط بعد النوم والرياضة من الفضول؛ فعليك أن تسعى في إنبات الجناح القوي الآخر في تزامن مع الجناح الأول، وذلك هو الجناح الفكري؛ فاقرأ من فكر علماإ المسلمين السلفيين من سنيين، وأشاعرة، ومعتزلة وردودهم على الملحدين,, وكذلك اقرأ من كتب مُأمني (12) أهل الكتاب بالله ردودهم على الملحدين كتوماس الإكويني وديكارت,, ثم اقرأ من كتب مفكري أهل السنة والجماعة ردودهم على الفرق,, اقرأ كل فكر كلامي وفلسفي في هذا النطاق، ومن الفكر المنطقي بالمحاكمة التي أسلفتها لك ما تُأَصِّل به نظرية المعرفة البشرية، ثم نظرية المعرفة الشرعية؛ فتكون عندك ملكة التمييز بين الفروق الدقيقة المُأَثِّرة في الفهم والحكم؛ فلا تقيس مع وجود الفارق المعتبر بالتسوية، ولا تقيس مع الفارق مع تخلُّف الفرق المُأَثِّر بالمغايرة، وتنظر في قياسك هل الحكم للمعنى أو الاسم، وإذا كان الحكم للاسم فلا قياس,, وتكون عندك ملكة المعرفة للمحال الذي لا يذعن له العقل، فإذا جاأك حكم بمحال فأحص بموهبتك لا بقراأتك كل ما يمنعك من الإذعان للمحال,, ومن المحال الوقوع في المتناقضات التي لا تجتمع ولا تفترق، والأضداد التي تفترق ولا تجتمع، فاحذق علم ذلك، واحذق الشروط التي يتحقق بها التناقض,, أي التي بتخلفها لا يكون الشيأُ متناقضاً.

وأحص بموهبتك وقراآتك هُوِيَّات الأشياء التي ترد في نظرك؛ لتحيط بالفروق الدقيقة,, ودقة الفهم والتفريق أول شرط للفكر الصحيح، ولتكن لك عناية بما كتبه علماأُ المسلمين في رفع التناقض بين النصوص ككتاب ابن قتيبة والطحاوي، ولتكن لك عناية بما كتبه العلماأُ عن الترجيح في أصول الفقه، وأرشح لك كتاب التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية لعبداللطيف عبدالله البرزنجي,, واحذق جيداً مسالك العلّة، وطرق السبر من كتب المنطق وأصول الفقه، وما لم تحتج إليه في علوم الديانة من ذلك فستجده عظيم النفع في الأمور الدنيوية,, وتكون عندك ملكة معرفة المتعيِّن الذي لا يذعن العقل لحكمٍ بتخلفه، ثم أحص بموهبتك كل ما يدلّك على المتعيِّن، وادفع بموهبتك كل الوساوس التي تكابر في وجود المتعيِّن,, وتكون عندك ملكة معرفة المحتمل الممكن الذي لم يتعين وجوده أو تخلُّفه؛ فتكون على التوقُّف، ويتسع فكرك لاحتمال ما هو ممكن، ولا توصد الباب دون ذلك بدوجماطيقية يُعاب بها دينك وفكرك ولغتك، وكوِّن من قراأتك الفكرية تحرير محل النزاع؛ فلا تنماع مع جدل لا يَرِدُ على محل النزاع، وتمسك بهذاالخيط الحريري النيِّر,, وفي قراأتك الفكرية احرص على إحصاإ الفروع لتحرير محل النزاع؛ فتعلم أن براهين وجود الشيإِ تقصر عن تكييفه وإنما تصفه بآثاره، وإذا ثبت لك حكم شرعي أو فكري في صفة من صفات مسمى ما فلا تَعدُ بالحكم عن هذه الصفة وتبقى بقية معاني المسمى على التوقف والنظر الجديد,, وأحيلك إلى كتابي لن تلحد في البحث الذي لخصته عن حدود وميدان المعرفة بعنوان الخطوط الرئيسية لنظرية المعرفة ,, وإذا وجدت مسألة اختلف فيها العلماأُ على أقوالٍ كثيرة فأحصها ولخصها، ثم أزجأ محاكمتها إلى تأمل ذاتي منك لعلّك تجد أقوالاً محتملة غير ما أورده العلماأُ، ثم تكون المحاكمة، وأحيلك إلى ما سبق نشره لي بهذه الجريدة عن حديث: أعوذ بك من شر ما لم أعمل,, فهو نموذج لهذا المنهج,, وقمِّش من كل كتب المنطق كل صور السفسطة والمغالطة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير