تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[15 Jan 2009, 07:40 م]ـ

علمه:

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (الأحزاب:23)

كان الإمام ابن المبارك علامة فهامة برع وتفوق في علوم الفقه والحديث واللغة وغير ذلك من علوم الشريعة ذا ثقافة واسعة وحلم وأدب حجة أجمع العلماء على علو مكانته وعلى كونه ثقة من أئمة المسلمين وكبرائهم.

وقد تميز ابن المبارك العالم النحرير بالحفظ والضبط والتثبت، وكان شديد التمحيص في الرجال لا يروي إلا عن الثقات إذا رووا عن الثقات، وقد حمل عن أربعة آلاف شيخ فلم يحدث إلا عن ألف منهم.

وقد سئل مرة عمن تأخذ؟

فقال: من طلب العلم لله.

وكان عبدالله بن المبارك يقول خصلتان من كانتا فيه نجا:

الصدق، وحب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

لذلك كان يرى أن من يسب السلف يجب أن يترك حديثه.

ويذكر أنه كتب عن رجل ثم أن هذا الرجل نال من عثمان رضي الله عنه، فقام ابن المبارك ومزق ما كتب ومضى.

وقد نظم ابن المبارك في ذلك أبيات، ومنها:

إني امرؤ ليس في ديني لغامزة

لين ولست على الإسلام طعانا

فلا أسب أبا بكر ولا عمرا

ولن أسب معاذ الله عثمانا

ولا ابن عم رسول الله أشتمه

حتى ألبس تحت التراب أكفانا.

وكان ابن المبارك محاربا للبدع، ولا يكتب عن من يدعو لبدعته،وكان يقول:

" اعلم أي أخي، أن الموت كرامة لكل مسلم لقي الله على السنة "

وكان يشجع على الأخذ عن علماء السنة الثقات، ومن ذلك ما قاله في قصيدته التالية:

أيها الطالب علما

إيت حماد بن زيد

فخذ العلم بحلم

ثم قيده بقيد

وذر البدعة من

آثار عمرو بن عبيد.

يتبع بإذن الله تعالى ....

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[17 Jan 2009, 09:19 م]ـ

عمله:

{وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران:148)

أ - نشره للعلم:

كان الطلاب يأتون لابن المبارك لينهلوا من معينه الصافي من كل فج عميق، فهذا أحد طلابه أسلم بن سليمان يرحل من بلده إليه ويترك زوجه وصبيته الصغار ليسمع من ابن المبارك، ويقول الطالب في ذلك:

أهلي وعرسي وصبياني رفضتهم ... وسرت نحوك في تلك المفازات

وابن المبارك كان كما شهد له من شهد لا يألوا جهدا ولا يدخر وسعا في تعليم الناس ونشر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحمل المشقة الشديدة في سبيل ذلك، ومن ذلك ما رواه الحسن بن شقيق قال:

قمت مع ابن المبارك ليلة باردة ليخرج من المسجد – بعد العشاء - فذاكرني عند الباب بحديث وذاكرته، فما زال يذاكرني حتى جاء المؤذن فأذن الفجر.

ب - عبادته:

كان ابن المبارك يقوم الليل بطوله، ويصوم النهار في الحر الشديد، ويكره أن يطلع عليه الناس، وكان يكثر الجلوس في بيته فقيل له: ألا تستوحش؟

فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وكان كثير الصمت، يبتعد عن مجالس الغيبة.

ج – إحسانه:

وكان إذا عزم الحج يقول لأصحابه:

من عزم منكم في هذا العام على الحج فليأتيني بنفقته حتى أكون أنا أنفق عليه، فيأخذ مالهم، ثم يحجون على نفقته، فإذا حجوا أشترى لهم هداياهم التي طلبها أهلهم، وإذا رجعوا، أرسل من يصلح لهم دورهم، وإذا وصلوا عمل لهم حفلا وكساهم الثياب الجديدة ثم رد لهم مالهم.

وخرج مرة إلى الحج فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم فأمر بإلقائه وسار أصحابه أمامه وتخلف، فلما مر بنفس المكان الذي ألقي فيه الطير، وإذا ببنت تخرج من منزلها فتلف الطير وتأخذه لبيتها، فسأله عن أمرها: فقالت أنا وأخي ليس لنا إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت، وقد حلت لنا الميتة منذ أيام، فأمر ابن المبارك برد الأحمال، وقال لوكيله كم معك من النفقة، فقال: ألف دينار.

فقال عد منها عشرين تكفينا إلى (مرو) وأعطها الباقي فهذا أفضل من حجنا هذا العام.

ء – جهاده:

كان ابن المبارك من أكبر المجاهدين، كان من أرباب السيف كما كان من أرباب القلم والقرطاس، بل كان إماما في الجهاد، لذلك قال الذهبي: " كان رأسا في الشجاعة ".

فقد كان ابن المبارك يتقدم حيث يتأخر الأبطال فارسا صنديدا من الليوث البواسل، يقتحم ما يخاف الناس اقتحامه، يحضر عند احتدام الأمر ويفقد عند اقتسام الغنائم.

ومن ذلك صادف المسلمون العدو ومعهم ابن المبارك، فانبرى أحدهم لقتال المسلمين، فكلما خرج له أحدهم قتله، حتى خرج له فارس من المسلمين عليه لثام فقتله، فازدحم عليه الناس، فإذا هو ابن المبارك.

وقد قال ابن المبارك الشاعر المجيد أجمل قصيدة له في الجهاد وأرسلها للفضيل العابد فبكي بعد أن قرأها، وهي:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي غبَّار خيل اللّه في * أنف امرىء ودخان نار تلهب

هذا كتاب اللّه ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب

يتبع بإذن الله تعالى .....

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير