الله عليه وسلم: "والّذي نفسي بيدِهِ! إنّ دوابَّ الأرضِ لتسمَنُ وتَبْطَرُ وَتَشْكَرُ شَكَراً من لحومهم ودمائِهم"، (وفي حديث أبي سعيد: فَتَشْكَرُ عَلَيْهَا كَأَحْسَنِ مَا شَكَرَتْ مِنْ نَبَاتٍ أصابتهُ قَطُّ). (وفي حديث النواس: ثم يهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابُهُ إلى الأرضِ، فلا يجدونَ في الأرضِ موضع شِبْرٍ (وفي لفظ: بيتا) إلا مَلأَهُ زَهَمُهم ونَتْنُهم ودماؤُهم، فَيَرْغبُ نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ سبحانه، فيُرسِلُ اللهُ طيراً كأعناق البُخت فتحملُهم فتطرحُهم حيث شاء الله عز وجل؛ بالمهبل، ويستوقِدُ المسلمون من قِسِيِّهِمْ ونُشَّابهم وجِعابِهِمْ (وفي لفظ: وأَترِسَتِهمْ) سبع سنين، ثم يرسل الله عليهم مطراً لا يَكُنُّ منه بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ أربعين يوماً، فيَغْسِلُ الأرضَ منهم حتى يتركها كالزَّلَفَةِ (أو قال: كالزلَقة) ثم يقال للأرض: أنبتي ثمَرَتَكِ ورُدِّي بركَتَكِ. فيومئِذٍ تأكلُ العصابةُ (وفي لفظ: النفر) مِنَ الرُّمّانةِ فتُشبِعُهم ويستظِلُّونَ بقِحْفِها، ويُبَارِكُ اللهُ في الرِّسلِ حتى أن اللَِّقحةَ منَ الإِبلِ لَتَكْفِي الفِئَامَ منَ النَّاس، ِ واللَِّقحة من البقر لتكفي القبيلةَ من الناس، واللَِّقحة من الغنمِ لتكفي الفخْذَ من الناس (وعند أحمد: واللقحة من البقر تكفي الفخذ من الناس، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت)، ولَيُحَجَّنَّ البيتَ وليُعْتَمَرَنَّ. [زاد عبد بن حميد: ويغرسون النخل. اهـ الفتح] بَعْدَ خُرُوجِ يَاجوجَ وماجوجَ.
فبينما هم كذلك إذ بَعَثَ الله عز وجل عليهم ريحاً طيبةً فتأخذهم تحت آباطِهم فتقبضُ روحَ كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شِرارُ الناسِ يَتَهَارَجُون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعةُ.
[الحديث ثابت مرفوعا من رواية:
أ النواس بن سمعان رضي الله عنه: عند مسلم (2137)
ب أبي هريرة رضي الله عنه: رواه الترمذي ابن ماجه [صحيح موارد الظمآن (1601) الصحيحة (1734)].
ج أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: رواه ابن ماجه [صحيح موارد الظمآن (1602) الصحيحة (1793)].
د عبد الله بن مسعود موقوفا: رواه ابن أبي شيبة وابن جرير في تفسيره والحاكم في المستدرك وصحح سنده الألباني في الصحيحة (2/ 128 و129/تحت رقم: 583 و584) وهو وإن كان موقوفا فله حكم الرفع كما في المنهل الرقراق لسليم الهلالي ص62 - 63.
هـ و جملة الحج عن أبي سعيد الخدري ? عند البخاري (1593).
تنبيه: قال ابن كثير رحمه الله: ولا يجوز الاعتماد ههنا على ما يحكيه بعض أهل الكتاب لما عندهم من الأحاديث المفتعلة، والله أعلم. اهـ تفسيره (4/ 424)
قوله (لا يدان) بكسر النون ثنية يد أي: لا قدرة ولا طاقة، يقال: مالي بهذا الأمر يد، ومالي به يدان؛ لأنّ المباشرة والدفع إنما يكون باليد وكأن يديه معدومتان بعجزه عن دفعه.
قوله (فحرز) أي ضمهم واجعله لهم حِرزا.
قوله (فحوز) أي نحّهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور، وروي (حزب) بحاء وزاي وباء أي: اجمعهم.
(حدب) المكان المرتفع من الأرض
(ينسلون) -يمشون مسرعين.
(-الخَمَر): الشجر الملتف الّذي يستر من فيه.
(اجفظ) -أي ملأها.
قوله (نغفا) -دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
(فرسى) -أي قتلى؛ وزنا ومعنى، واحدهم فريس.
(تبطر) -من البَطَر: النشاط والأشر.
(تشكر شكرا) -يقال: شكرت الناقة: امتلأ ضرعها لبنا، والدابة: سمنت.
(نتنهم) -أي دسمهم ورائحتهم الكريهة.
(البخت) -نوع من الإبل، أي طيرا أعناقهم في الطول والكبر كأعناق البُخت.
(المهبل) -الهوة الذاهبة في الأرض. و في مسند الإمام أحمد: قال ابن جابر: فقلت يا أبا يزيد!: وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس.
(قسيهم) -جمع قوس.
(نشابهم) -أي من سهامهم.
(جعابهم) -جمع جَعْبة وهي ظرف النشاب.
(أترستهم) -جمع تِرس.
(لا يكن) -من كنيت الشيء أي سترته وصنته عن الشمس.
(مدر ولا وبر) -أي لا يمنع من نزول الماء البيت المدر؛ وهو الطين الصلب، ولا وبر؛ وهو الشعر والصوف، والمراد تعميم بيوت أهل البدو والحضر.
(كالزلقة) -قيل: كالمرآة، وقيل: الصحفة، وقيل: كالروضة، وقيل غير ذلك، والمراد أن الماء يعم جميع الأرض فينظفها حتى تصير بحيث يرى الرائي وجهه فيها. اهـ الفتح
(العصابة) -الجماعة.
(بقحفها) -هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الّذي فوق الدماغ.
(الرِّسل) -هو اللبن.
(اللقحة) -هي القريبة العهد بالولادة.
(الفئام) -الجماعة الكبيرة.
(الفخذ) -الجماعة من الأقارب.
-قال ابن حجر رحمه الله: يظهر -والله أعلم- أنّ المراد بقوله: "ليحجن البيت" أي مكان البيت لما ثبت أن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد ذلك. وقال ابن كثير رحمه الله: وقد ثبت أن عيسى بن مريم يحج البيت العتيق (ثم ساق هذا الحديث) تفسير ابن كثير (آية الأنبياء).
(تهارج الحمر) -وفي رواية: الحمير، أي يجامع الرجل النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك، والهرج الجماع.
¥