تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمود خليفة الصعيدى]ــــــــ[23 Mar 2009, 12:24 ص]ـ

القصيدة النونية لابن القيم الجزء الاول

القصيدة النونية

الكافية الشافية

في الانتصار للفرقة الناجية

للامام ابن قيّم الجوزية

25 شعبان 1423 هجرية

برعاية

www.geocities.com/moujahedmouslem

www.islammi.8m.com

نسأل الله التوفيق

محمود خليفة محمد عيد

اولاد مرجان/ مركز ديرمواس/ المنيا/ ج م ع

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة القصيدة النونية للامام ابن القيّم

الحمد لله الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته، وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته، وأدت له الشهادة جميع الكائنات أنه الله الذي لا اله الا هو بما أودعها من لطيف صنعه وبديع آياته، وسبحان الله وبحمد عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، ولا اله الا الله الأحد الصمد الذي لا شريك له في ربوبيته ولا شبيه له في افعاله ولا في صفاته ولا في ذاته والله أكبر عدد ما أحاط به علمه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه من جميع برياته، ولا حول ولا قوة الا بالله تفويض عبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، بل هو الله والى الله في مبادئ أمره ونهاياته، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد ولا والد له، ولا مفؤ له الذي هو كما أثني على نفسه وفوق ما يثني عليه أحد من جميع برياته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من بريته، وسفيره بينه وبين عباده وحجته على خلقه، ارسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله على حين فترة من الرسل وطموس من السبل، ودروس من الكتب، والكفر قد اظطرمت ناره وتطايرت في الآفاق شراره، وقد استوجب أهل الأرض أن يحل بهم العقاب، وقد نظر الجبار تبارك وتعالى اليهم فمقتهم، عربهم وعجمهم، الا بقايا من أهل الكتاب.

وقد استند كل قوم الى ظلم آرائهم وحكموا على الله سبحانه وتعالى بمقالاتهم الباطلة وأهوائهم، وليل الكفر مدلهم ظلامه، شديد قتامه، وسبل الحق عافية آثارها مطموسة اعلامها، ففلق الله سبحانه بمحمد صلى الله عليه وسلم صبح الايمان، فأضاء حتى ملأ الآفاق نورا، وأطلع به شمس الرسالة في حنادس الظلم سراجا منير، فهدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وبصر به من العمى وارشد به من الغيّ، وكثر به بعد القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة، واستنقذ به من الهلكة، وفتح به أعينا عميا وآذانا صمّا وقلوبا غلفا، فبلّغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمّة وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه وشرح الله له صدره، ورفع له ذكره ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، وأقسم بحياته في كتابه المبين، وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين، فلا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان ولا صلاة حتى يشهد أنه عبده ورسوله شهادة اليقين، وصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وجميع خلقه عليه، كما عرفناه بالله وهدانا اليه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فإن الله جلّ ثناؤه وتقدست أسماؤه إذا أراد أن يكرم عبد بمعرفته ويجمع قلبه على محبته شرح صدره لقبول صفاته العلى وتلقيها من مشكاة الوحي، فإذا ورد عليه شيء منها قابله بالقبول وتلقاه بالرضا والتسليم وأذعن له بالانقياد فاستنار به قلبه واتسع له صدره وامتلأ به سرورا ومحبة، فعلم أنه تعريف من تعريفات الله تعالى تعرف به على لسان رسوله، فأنزل تلك الصفة من قلبه منزلة الغذاء، أعظم ما كان اليه فاقة ومنزلة الشفاء أشد ما كان اليه حاجة، وسكن اليها قلبه، فجال من المعرفة في ميادينها، وأسام عين بصيرته في رياضها وبساتينها لتيقنه بأن شرف العلم تابع لشرف معلومه، ولا معلوم أعظم وأجل ممن هذه صفته، وهو ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأن شرفه أيضا بحسب الحاجة اليه، وليست حاجة الأرواح قط الى شيء أعظم منها الى معرفة باريها وفاطرها ومحبته وذكره والابتهاج به، وطلب الوسيلة اليه والزلفى عنده، ولا سبيل الى هذا الا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلم كان بالله أعرف وله أطلب واليه أقرب، وكلما كان لها أنكر كان بالله أجهل واليه أكره ومنه أبعد، والله تعالى ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه، فمن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير