فيبدل الله السموات العلى ... والأرض أيضا ذات تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النـ ... ـيران عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه ... بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها ... اخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي ... من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ... لا شيء، هذا ليس في الامكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تشـ ... ـهد ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد أيضا مثل مد اديمنا ... من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها ... كالاسطوان نفائس الأثمان
كل يراه بعينه وعيانه ... ما لامرئ بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفتّ فتا? محكما ... فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه ... وصباغه من سائر الألوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ... مثل الهباء لناظر الانسان
وكذا البحار فانها مسجورة ... قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا ... لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكوّرة وهذا خاسف ... وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الأفلاك تنثر كلها ... كلآلئ نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق ظاهرا ... وتمور أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل ها ... ذا المهل أو تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما ... أيضا وأنهما لمخلوقان
والحور لا تفني كذلك جنة الـ ... مأوى وما فيها من الولدان
ولأجل هذا قال جهم انها ... عدم ولم تخلق الى ذا الآن
والأنبياء فانهم تحت الثرى ... أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ... ابدا وهم تحت التراب يدان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ... منه تركب خلقة الانسان
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بل ... تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولأجل ذلك لم يقر الجهم ما ال ... ارواح خارجة عن الأبدان
لكنها من بعض أعراض بها ... قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للأرواح بعد فراقها ... أبدانها والله أعظم شأن
إما عذاب او نعيم دائم ... قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها ... تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لانهار بها ... حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا ... في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم ... ونعيمهم للروح والأبدان
بذلوا الجسوم أربهم فأعاضهم ... أجسام تلك الطير بالاحسان
ولها قناديل اليها تنتهي ... مأوى لها كمساكن الانسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة ... منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها أشد من الذي ... قد عاينت أبصارنا بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ... ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله إخراج الورى ... بعد الممات الى المعاد الثاني
ألقى على الأرض التي هم تحتها ... والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أيضا متتابعا ... عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ... ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ... وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السماء فشققت ... فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود وأخرجت ... أثقالها أنثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة ... اخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة الـ ... ـهادي به فأحرص على الايمان
ما قال ان الله يعدم خلقه ... طرأ كقول الجاهل الحيران
وقضى بأن الله ليس بفاعل ... فعلا يقوم به بلا برهان
بل فعله المفعول خارج ذاته ... كالوصف غير الذات في الحسبان
والجبر مذهبه الذي قرت به ... عين العصاة وشيعة الشيطان
كانوا على وجل من العصيان ذا ... هو فعلهم والذنب للانسان
واللوم لا يعدوه اذ هو فاعل ... بإرادة وبقدرة الحيوان
فأراحهم جهم وشيعته من ألـ ... لوم العنيف وما قضوا بأمان
لكنهم حملوا ذنوبهم على ... رب العباد بعزة وأمان
وتبرأوا منها وقالوا انها ... أفعاله ما حيلة الانسان
ما كلف الجبار نفسا وسعها ... انى وقد جبرت على العصيان
وكذا على الطاعات أيضا قد غدت ... مجبورة فلها اذا جبران
والعبد في التحقيق شبه نعامة ... قد كلفت بالحمل والطيران
اذ كان صورتها تدل عليهما ... هذا وليس لها بذاك يدان
فلذاك قال بأن طاعات الورى ... وكذاك ما فعلوه من عصيان
هي عين فعل الرب لا أفعالهم ... فيصح عنهم عند ذا نفيان
نفي لقدرتهم عليها أولا ... وصدورها منهم بنفي ثان
فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا ... زكوا ولا ذبحوا من القربان
وكذاك ما شربوا وما قتلوا وما ... سرقوا ولا فيهم غوي زان
¥