تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد غلط بعضهم فظن أن ابن تيميه رحمه الله أجاز الخدعة بعد اعطاء العهد أو أجاز الفتك بعد عقد الأمان , مستدلا بحادثة كعب ابن الأشرف , فنسبوا لابن تيمية رحمه الله ما لايليق بطويلب علم مبتدئ فضلا عن أن يليق بإمام مجدد ومحقق مجتهد كشيخ الاسلام.

وقديما غلط أيما غلط من ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز الخدعة بعد اعطاء العهد , أو أجاز الفتك بعد عقد الأمان ,

وفي مثل أولئك قال الإمام البغوي رحمه الله:

"قد ذهب من ضل في رأيه, وزل عن الحق , الى أن قتل كعب ابن الأشرف كان غدرا وفتكا , فأبعد الله هذا القائل , وقبح رأيه , ذهب عليه معنى الحديث , والتبس عليه طريق الصواب , بل قد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الإيمان قيد الفتك لايفتك مؤمن). والفتك أن يُقتل من له أمان فجأة. وكان كعب ابن الأشرف ممن عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعين عليه أحدا , ولا يقاتله ثم خلع الأمان , ونقض العهد , ولحق بمكة , وجاء معلنا معاداة النبي صلى الله عليه وسلم يهجوه في أشعاره , ويسبه فاستحق القتل لذلك , وفي الحديث أن كعب ابن الأشرف عاهده , فخزع منه هجاءه للنبي صلى الله عليه وسلم أي قطع منه ذمته وعهده " شرح السنة 11/ 45,46

وما جرى في مجلس معاوية رضي الله عنه ـ وفي رواية في مجلس مروا ن ـ لما حلف محمد بن مسلمة رضي الله عنه ليقتلن ابن يامين لما ذكر أن قتل ابن الأشرف كان غدرا , وطلبه ليقتله بعد ذلك بمدة طويلة , ولم ينكر المسلمون ذلك عليه.

فقد جاء في حاشية الصارم ص 799 م 3 طبعة ابن حزم:

" كان حديث محمد بن مسلمة مع ابن يامين عند مروان بن الحكم لما كان أميرا على المدينة فقال مروان ـ وعنده ابن يامين النضري ـ " كيف كان قتل ابن الأشرف قال ابن يامين: كان غدرا. ومحمد ابن مسلمة جالس شيخ كبير، فقال: " يا مروان أيغدر رسول الله عندك؟ والله ما قتلناه إلا بأمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والله لا يؤويني وإياك سقف بيت إلا المسجد". وحلف أن يقتل ابن يامين إذا ظفر به، فوجده بالبقيع وجعل يضربه بالجرائد، والله لو قدرت على السيف لقتلتك" (انظر "مغازي " الواقدي (1/ 192،193)

ابن يامين بن عميرالنضري جهّز اثنين من " البكائين" في جيش العسرة في غزوة تبوك ممن أنزل الله تعالى فيهم

((وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُون)) َ

وبهذا يتبين للقارئ والباحث مدى حساسية طرح هذه الحادثة ومدى ضرورة فهم كل ملابساتها قبل الاستدلال بها وضرورة قراءة كل ما كتبه عالم ما في هذه المسألة وعدم الاكتفاء بفقرة نُقلت هنا أو هناك لا تُظهر مُراد ذلك العالم بتلك الفقرة ولا وجه استدلاله بها.

ولقد قام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بتحقيق أقوال من سبقه من أهل العلم في هذه الحادثة , وقد أسهب في كتابه " الصارم المسلول " ببحثها في أكثر من أربعين صفحة متتابعة ليرد على أهم الشبه فيها , عدا عن تعليقاته المتفرقة في الصارم والفتاوى وغيرها. وقد نقلها ابن القيم رحمه الله مستدلا بكثير منها في كتابه: " أحكام أهل الذمة ". ولمن فاته قراءة الصارم المسلول كاملا فلم يفهم مراد شيخ الاسلام ووجه استدلاله بحادثة اغتيال كعب , فليقرأ ـ على أقل تقديرـ ما كتب مابين ص 145 ـ 188 في المجلد الثاني (طبعة دار ابن حزم). ومن تلك الصفحات سيكون أغلب نقلي , وان نقلت عن خارجها فسأذكر المصدر.

ونبدأ أولا بسرد رواية قصة اغتيال كعب ثم نُتبعها بتعليقات أهل العلم ومنهم شيخ الاسلام رحمه الله.

وقد رواها عمرو بن دِينَارٍ عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مَنْ لِكَعْبِ بِنِ الأَشْرَفِ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى الله َوَرَسُولُهُ؟ " فقام محمد بن مَسْلمة فقال: أنا يا رسول الله، أتحبُ أنَّ أقتله؟

قال: "نعم"، قال: ائْذَن لِي أن

أقول شيئاً

قال: "قل"، قال: فأتاه وذكَر ما بينهم،

قال: إن هذا الرجل قد أراد الصَّدَقة وعنَّانا، فلما سَمِعه، قال: وأيضاً والله لَتَمَلُنَّهُ،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير