تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

آدم بعد موته، فكيف نعتقد أن الميت حي في قبره حياة تمكنه من الاتصال بغيره وإمداده بأي نوع من الإمدادات؟ كيف نعتقد ذلك؟! وفاقد الشيء لا يعطيه والميت لا يمكنه سماع من يدعوه مهما أطال في الدعاء قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمٍْ) فاطر:13،14 فنفى الله عنهم الملك وسماع الدعاء ومعلوم أن الذي لا يملك لا يعطي، وأن الذي لا يسمع لا يستجيب ولا يدري، وبينت الآية أن كل مدعو من دون الله كائنا من كان فإنه لا يستطيع أن يحقق لداعيه شيئا.

* وكل معبود من دون الله فعبادته باطلة، قال تعالى (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) الآية يونس: 106،107 ويتبين من هذه الآية أن كل مدعو من دون الله لا ينفع ولا يضر، فإذا ما الفائدة من عبادته ودعائه، وهذا فيه تكذيب لأهل الخرافة الذين يقولون ذهبنا للقبر الفلاني أو دعونا الولي الفلاني وتحصل لنا ما نريد، فمن قال ذلك فقد كذب على الله، ولو فرض أن حصل شيء مما يقولون فإنه حصل بأحد سببين:

1 - إن كان الأمر مما يقدر عليه الخلق عادة فهذا حصل من الشياطين لأنهم دائما يحضرون عند القبور، لأنه ما من قبر أو صنم يعبد من دون الله إلا تحضره الشياطين لتعبث في عقول الناس.

* وهؤلاء المتوسلون بالأولياء لما كانوا من جنس عباد الأوثان صار الشيطان يضلهم ويغويهم كما يضل عباد الأوثان قديما فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاث به وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة، كما تخاطب الشياطين الكهان وقد يكون بعض ذلك صدقاً، ولكن أكثره كذب، وقد تقضي بعض حاجاتهم وتدفع عنهم بعض ما يكرهون مما يقدر عليه البشر عادة، فيظن هؤلاء السذج أن الشيخ، أو الولي هو الذي خرج من قبره وفعل ذلك، وإنما هو في الحقيقة الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك المستغيث به، كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم.

2 - أما إن كان الأمر مما لا يقدر عليه إلا الله كالحياة والصحة والغنى والفقر، وغير ذلك مما هو من خصائص الله، فهذا انقضى بقدر سابق قد كتبه الله ولم يحصل ذلك ببركة دعاء صاحب القبر كما يزعمون.

* فينبغي على الإنسان العاقل ألا يصدق مثل هذه الخرافات، وأن يعلق قلبه بالله وينزل حاجته به حتى تقضي ولا يلتفت إلى الخلق لأن الخلق ضعفاء مساكين فيهم الجهل والعجز، وكيف يطلب الإنسان حاجته من مخلوق مثله؟ وقد يكون ذلك المخلوق ميتا أيضا لا يسمع ولا يرى ولا يملك شيئا، ولكن الشيطان يزين للناس ما كانوا يعملون.

والله الهادي إلى سواء السبيل

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[16 Mar 2009, 03:23 م]ـ

الحمد لله تعالى

قولك في حديث جابر رضي الله عنه: "لا يصح": غير صحيح، فهو حديث أخرجه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه في مسنده برقم 14499 وإسناده حسن لأجل عبد الله بن عبد الرحمن كما ذكر المحقق، والمسألة عملية فرعية لا يضر فيها الاستدلال بمثل هذا الأثر عند أهل العلم أهل السنة والجماعة، وليست كما يخيل البعض من أنها عقدية فإن عقيدة أهل السنة بحمد الله تعالى توحيد خالص عن جميع شوائب الشرك، فهم رضي الله عنهم لا يعتقدون مؤثرا مع الله تعالى أصلا لا إيجادا ولا اختراعا لا زمانا ولا مكانا. فما أسهل عند البعض رد ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والحكم ببطلانه إذا تعلق بالقلب مصلحة دنوية فانية.

ثم ما ذكرتَه ونقلته لا يخرج عن مقالات من ناس همّهم "تَهْوِيبُ" المسلمين عن طريق التهويل والتخويف والدخول في الضمائر والتشنيع بغير موجب، وكثير من المسلمين البسطاء للأسف يدخل في قلوبهم الرعب من ذلك الإرهاب العقدي الذي يمارسه أولئك الناس ليسيطروا عليهم وعلى عقائدهم فيجعلونهم تبعا لهم في كل صغيرة وكبيرة بدعوى هدايتهم إلى التوحيد الخالص، وهي دعوى حكموا من خلالها ضمنا على آلاف بل ملايين من المسلمين علماء وصالحين بالشرك لكونهم يتوسلون إلى الله تعالى ـ الذي لا يؤثر في شيء إيجادا وإعداما إلا هو كما هو عقيدة أهل السنة والجماعة ـ بنبيه الكريم وبركة عباده الصالحين المخلصين الذين نصحوا للدين والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وجميع المسلمين، وهم أكثر الناس إخلاصا وتقوى ودينا، وسبحان الله كيف يجرؤ أولئك على الحكم ـ ضمنا ـ بالشرك على أئمة المسلمين كالإمام ابن الجزري ـ وهو من هو ـ الذي يرى جواز طلب الحاجات من الله تعالى عند قبور الصالحين، بل ويرى أن الاستجابة عندها مجربة، بل الإمام الذهبي قد حكى ذلك عن قبر معروف وغيره من الصالحين، فكل أولئك عند رواد الحركة "التهويبية" ـ التي تريد تغيير معالم الدين الإسلامي غصبا ـ مشركين .. وليتهم ما أقحموا أنفسهم في ذلك فإنها معركة خاسرة حتى لو أصروا على القيام بها وجندوا لها الجامعات والدراسات التحريفية، وليتهم ما فعلوا فقد حكموا على أنفسهم بالخسران.

هذا، وإن شبهات رواد "تهويب" الفكر الإسلامي مردود عليها إجمالا وتفصيلا، وليس هذا موضع بسط ذلك، فإن استفاد من الكتاب مستفيد فله ذلك، وإلا فله دينه ولجمهور علماء المسلمين قديما وحديثا دينهم، فلا تتدخلوا في ضمائر الناس وتحكموا عليهم بالشرك وتحرمونهم من أسباب الاستجابة فإنه عمل من فعل الشيطان الذي يريد حجب المسلم عن ربه كما تفعلون. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير