روى الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 156) عن الإمام سفيان بن عيينة في اعتقاده قوله: السنة عشرة فمن كن فيه فقد استكمل السنة ومن ترك منها شيئا فقد ترك السنة: إثبات القدر وتقديم أبي بكر وعمر والحوض والشفاعة والميزان والصراط والإيمان قول وعمل والقرآن كلام الله وعذاب القبر والبعث يوما لقيامة ولا تقطعوا بالشهادة على مسلم.
ونقل (1/ 161) في اعتقاد الإمام أحمد فيمن خرج عليه اللصوص والخوارج قال:
وإن قتل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة كما جاء في الأحاديث. ونقل مثلها عن ابن المديني ..
الخلاصة والختام:
تبين من هذا العرض للموضوع: أن أدلة المانعين مع صحتها قطعية الدلالة، غاية في الوضوح .. أما أدلة القائلين بالجواز فما هي إلا فهم من بعض النصوص وقياس بنوا عليه حكمهم.
ومعنا النهي الصريح في السنة عن الجزم للمعين كما مر وبينا الأحاديث، وتقرر هذا بفعل الصحابة وأقوالهم كما نقلنا قول عمر وابن مسعود وهما من هما، مع عدم العلم بالمخالف لهما .. مع اعتقاد الكثير من أئمة السلف.
وبالنسبة للفتاوى .. فمن الأدب واحترام وإجلال العلماء ألا نضرب رأي ابن عثيمين بابن باز ولا نرجح ما رجحه الألباني لمحبتنا له، وإنما لإتباع الحق.
فالدليل فوق كل كبير من عالم وخبير، وهو مما تقرر بداهة في منهج السلفية الحقة.
فهم قالوا ما فهموه من النصوص وعليه بنوا أصل فتاواهم، وكل مأجور بإذن الله تعالى ..
وبقي أن نقول: أي القولين أبعد عن الشبهة
لا شك أن الافتئات على الله فيه ما فيه، والخروج منه إنما هو باستخدام الألفاظ التي ليس فيها نهي كما مر أثر عمر وابن مسعود ..
ولنا الترحم عليهم والدعاء لهم وحسن الظن بهم .. وهو مستفيض في الأدلة ..
وبهذا يتبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد، إلا بنص أو إجماع ..
ومن كان ظاهره الصلاح والتقوى، فإننا نرجو له الخير كما سبق، وهذا كاف في منقبته، وعلمه عند الله خالقه سبحانه وتعالى.
فأخلص من هذه المشاركة بهذه النتائج:
1 - الخلاف ليس خلافا يعتد به لأنه خلاف النص.
2 - الفتاوى لأجلة العلماء لا تناهض النصوص الصريحة في الموضوع.
3 - النهي عن إطلاق اسم الشهيد على المعين إلا بنص أو إجماع.
4 - الإجماع هو ما يتماشى مع الحديث السابق: أنتم شهداء الله في الأرض.
5 - لا يصح الاستثناء فيقال: هو شهيد إن شاء الله لمجرد أنه مات بأحد أنواع الشهادة، لأنه لم يعرف عن السلف أولا، ولأنه جزم سبق الاستثناء ثانيا.
6 - التفرقة بين الشهادة للمؤمن ظاهر الصلاح والتقوى، ومن مات بصورة من صور الشهادة، فالأولى محتملة والثانية مردودة لوجود النص.
وهذا آخر المستطاع، وغاية الجهد، فإن كان ما فيه صوابا فبفضل الله وكرمه ومنه، وإن كان ما فيه خطأ، فنشهد الله أن ليس للشيطان فيه نصيب، وإنما هو من عجز الإنسان، وهو الظلوم الجهول ..
والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل.
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[23 Apr 2009, 02:10 ص]ـ
وفي الموضوع أحاديث مرسلة عن مجاهد وزيد بن أسلم ويحيى بن أبي كثير والوليد بن هشام .. قد يكون فيها فائدة ما ..
قال ابن حجر في الفتح: وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك قال: لا يخرج معنا إلا مُقَوِّىٍ فخرج رجل على بكر ضعيف فوقص فمات، فقال الناس الشهيد الشهيد!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال ناد أن الجنة لا يدخلها عاص.
قال مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير في النهاية (2/ 505): مُقَوِّىٍ: أي ذو دابة قوية. اهـ
رواه سعيد بن منصور في سننه (6/ 33 رقم2317) وفيها قال مجاهد: ما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أشد من هذا .. وذكره
ورواه عبد الرزاق في المصنف (5/ 177) عن مجاهد قال: أشد حديث سمعناه عن النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكره.
وصحح إسناده ابن حجر في الفتح وقال: وفيه إشارة إلى أن الشهيد لا يدخل النار لأنه صلى الله عليه وسلم قال أنه من أهل النار ولم يتبين منه إلا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر لكن يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على كفره في الباطن أو أنه أستحل قتل نفسه. اهـ
¥