تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحقائق كما في القرنين الثالث والرابع الهجريين -مثلا- وما صاحبه من استيلاء العبيديين والقرامطة على بقاع كبيرة من بلاد الإسلام واستعلانهم فيها بالكفر والزندقة والتنكيل بالعلماء خاصّة على أن التخلف المذكور ليس محصورا في قلة الأفراد الآخذين بناصية العلم على نحو متقن بل في نوع العلم المعتمد في المعاهد في ربوع العالم الإسلامي حيث يسود الإرجاء وتغلب المناهج الأشعرية والطرق الصوفية بعيداً عن نقاوة الإسلام الصافي كما أنزله الله سبحانه وما ينبني على ذلك من تمييع مسائل الولاء والبراء والتهوين من شأن الشرك وتمييع القضايا التي أحكمتها الشريعة كل ذلك وغيره بدعوى وحدة الأمة أو التقريب أو نبذ التعصب وربما استدل أحدهم على ذلك بأدلة لا يفهمها أو يلحد في معانيها عما أراده الله لها من قبيل استشهادهم بموقف هارون عليه السلام مع عبدة العجل حيث يذكرون قول الله تعالى "إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي" ولا يذكرون معه قوله تعالى "إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني"! فكان من جراء ذلك أن تطاولت أعناق الأقزام من أهل الأهواء والبدع الغليظة المكفّرة وتاجر من تاجر بقضايا مثل فلسطين توسلاً بذلك إلى التوصّل لقلوب الدهماء والعامة والتسلل إلى نواصيهم وإفسادها عبر استجاشة العواطف وتهييج المشاعر في لجّة يعصف بها التخاذل العربي المحسوب على أهل السنة زوراً حتى غدا التحذير من هؤلاء وأضرابهم أمراً يستحيى منه ,ومن يجسُر عليه عملا بالواجب الشرعي الذي هو من جنس الجهاد تتخطفه الأبصار وتلوكه الألسنة بقالة السوء ورحم الله الإمام أحمد فقد قيل له: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين.

وإنما آل أمرنا إلى هذا لأسباب كثيرة ,من أهمها خفوت وهج العلم الشرعي الصحيح المبني على عقيدة السلف التي تمثل الصحيفة الصادقة والنسخة الحقيقية الوحيدة للإسلام كما أنزلها الله تبارك وتعالى وإذا كان ما سماه الله ظاهرا من الحياة الدنيا من عوامل نصر الأمم الكافرة بعضها على بعض فهي من جملة الأسباب التي ترجح قوة أمة على أخرى فكيف بالعلم بمسبب هذه الأسباب وما أمر به سبحانه وتعالى وحيث إن الحديث عن علاقة العلم بالنصر وحتى لا يكون الكلام عائما دون تنزيل فمن المهم جدا أن نقرر واقع الأمة العلمي في الأرض المقدسة فلسطين على اعتبار أنها أعظم ثغور الإسلام وبيان أنه في غاية الضعف فلا تكاد تجد من له مُكنة عالية وإتقان محكم لعلوم الشريعة بحيث يكون نجماً يهتدي به الناس ومن علمه ينهلون وتتحقق به الغُنية ومن كان منهم كذلك فهو منشغل بأمور أخرى غير ذلك أو منطوٍ في بطن بيته بين الصحف والكتب ولا يعلم عنه إلا قلمُه! "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين" ومن باب هذا التحضيض الإلهي الذي يظهر عناية الله سبحانه بهذه الأمة وتكاملها واعتدالها فلابد من استنهاض الهمم لتدارك الأمر وليس العبء في ذلك على أهل فلسطين وحدهم بل لست أبالغ إذا قلت إنه يتحمّل أمانة ذلك بالدرجة الأولى غيرُ أهلها من باب:اعملوا لآل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم فالصالحون منهم, مشغولون بالقتال في سبيل الله تعالى, والطالحون غارقون في الاقتتال على حطام الدنيا فلابد والحالة هذه أن ينبري جملة من المشايخ والدعاة والعلماء في العالم الإسلامي ولا سيّما جزيرة العرب للتصدر في سد هذه الثُغرة عبر تأمين وسائل لدعم إخواننا هنالك علمياً من قبيل مشروع كفالة طالب علم وتعهده وهو غض حتى يصلب عوده ويغدو مستكملاً أدوات النظر والبحث بنفسه وذلك بالتنسيق المباشر مع الثقات من طلبة العلم في الديار المقدسية فيكون العمل على أعين هؤلاء مع كونهم قد استفرغوا أنفسهم لهذا , وهذه تذكرة علّها تجد صدى وموعظة آمل أن تواطيء أسماعاً مرهفة وقلوباً حيّة قبل أن يندرس العلم هناك وتعفو آثاره لأن المعركة طويلة ولابد فيها من زاد يطيل النفَس وينشيء أجيالا تدخل في الإسلام كافة وهي عصيّة على التفريط ,لا أقول بالثوابت, بل بأي شعبة من الإيمان والله المستعان وعليه التكلان

* انظر مثلا جامعة الأزهر وهي تعد من أكبر القلاع العلمية في العالم , والعقيدة المعتمدة فيها هي الأشعرية فمن مناهجهم المقررة "المواقف" للإيجي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير