** الأزهر الشريف تحمل عبء الدعوة الإسلامية ألف عام، ومازال يتحمل هذه المسئولية بأمانة وأخلاق وشرف، وقد كان الأزهر وحده في مجال الدعوة الإسلامية على مستوى العالم، ولكن الآن أصبح هناك روافد للأزهر تتمثل في الجامعات الإسلامية التي انتشرت في أفريقيا وآسيا وقامت على أكتاف علماء الأزهر. فهم الذين أسسوا بنيانها على تقوى من الله ورضوان، وهم الذين يتحملون مواصلة التدريس فيها، بالإضافة إلى أبناء هذه الدول أنفسهم الذين تخرجوا في الأزهر وعادوا إلى بلادهم محملين بالثقافة الإسلامية النقية التي لا تعرف تعصبا ولا جموداً.
أما ما يثار حول ضعف مستوى الخريجين حاليا فتلك مسألة موقوتة لها أسبابها التي نعمل على علاجها وتخطيها، ففي الفترة الأخيرة حدث توسع في المعاهد الأزهرية على مستوى القرى والنجوع، وكان الاهتمام منصبا على الكم في محاولة سباق مع الزمن للوجود الأزهري في كل بقعة من بقاع مصر.
وهذا السباق أدى إلى أن يغض البعض الطرف عن الكيف، فنشأت مجموعات في هذه الفترة قد تكون هي المقصودة بهذه الشكوى، لكن الآن والحمد لله أصبح هناك اهتمام كبير بالكم والكيف.
* كيف أثر إلغاء هيئة كبار العلماء وتعيين شيخ الأزهر وإلغاء نظام الأوقاف على حركة الأزهر بعد أن فقد انتخاب قياداته وتمويله الذاتي؟ ولماذا توارى الأزهر على المستوى العالمي؟
** أولاً هيئة كبار العلماء مازالت قائمة تحت اسم جديد هو مجمع البحوث الإسلامية، فهذا المجمع يضم صفوة من علماء المسلمين في مصر والعالم الإسلامي وهو منوط به التعريف بالإسلام وتحديد المفاهيم وبيان حكم الإسلام فيما يجد من مشاكل الحياة المعاصرة. فالمسألة ليست مرتبطة بالاسم وإنما القضية هي ماذا قدم المجمع اليوم للمسلمين، وهذا ما يجب أن تتجه إليه الهمم لتنشيط عمل المجمع وتدعيم إمكانياته المادية وتيسير عقد المؤتمرات، لأن المفترض أن يعقد له مؤتمر سنوي، وإنما يتأخر هذا المؤتمر سنوات لعدم وجود التمويل اللازم.
فحبذا لو اتجهت الحكومات الإسلامية إلى دعم الأزهر باعتباره الواجهة المشرفة للمسلمين والحارس لعقيدتهم. أما قضية انتخاب شيخ الأزهر من عدمه فهي لا تمثل حجر عثرة في طريق النهوض بالأزهر، فعلى مدى التاريخ كان شيخ الأزهر يعين ولم يمنع ذلك من أن يقف شيخ الأزهر مواقف الدفاع عن الدين وحماية حقوق الشعب والمطالبة بتطبيق الشريعة، لأن المفترض أن العالم أيا كان موقعه لا يخشى إلا الله، ومن باب أولى أن يكون الإمام الأكبر أحرص الناس على كلمة الحق ولا يخشى لومة لائم.
فأنا لست من أنصار إثارة الجدل حول هذه النقطة وإنما أطالب بالتمكين لمجمع البحوث الإسلامية واختيار العناصر ذات الكفاءة الممتازة من العلماء لشغل مقاعد هذا المجمع على أن يختار من بينهم شيخ الأزهر.
وبالنسبة لقضية الأوقاف، فمما يفخر به المسلمون مسألة الوقف، وهو باب من أبواب التكافل الاجتماعي البعيد عن ميزانية الدولة، فهو لون من الجود والكرم وقد كان الوقف كظاهرة إسلامية يتغلغل في كافة مشاكل المجتمع ليحلها، ولو حرص الناس اليوم على إحياء الوقف لأدى ذلك إلى انتشار المدارس والمستشفيات على كافة ربوع أرض الإسلام.
وبالنسبة لأوقاف الأزهر فليست ذات أهمية كبيرة، فالآن الميزانية الرسمية للأزهر لها جوانب كثيرة ومتعددة وليس هناك شكوى من نقص الاعتمادات.
فالمسألة لا ينبغي أن تكون مثار شكوى، والذين يثيرونها يربطون بين كلمة الحق وبين الأوقات، ولكن العالم الذي يخشى الله ويتقيه سواء كان مرتبه من الأوقاف أو من الدولة فهذا لا يمنعه من أن يجهر بكلمة الحق. ثم إننا لا نريد أن نوقع الخصومة بين العلماء والحكام، وإنما نحن ننصح وندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومسألة الصراع مع السلطة ليس مما تخدم به الدعوة وإنما هي تضر الدعوة وتعوق مسيرتها.
* يأخذ كثير من الناس على بعض العلماء انحيازهم الدائم لرأى الدولة الرسمي حتى ولو لم يكن هذا الرأي صواباً .. فكيف يستطيع علماء الإسلام أن يحلوا هذه المشكلة الشائكة؟
** لست من أنصار افتعال الخصومات مع الحكومات، والدعوة الإسلامية يجب أن تعيش في ظل الحكومة وإلا سيتحول الأمر إلى مواقف من الفتنة والصراع الدموي.
¥