أ ـ قال مقاتل بن سليمان: نزلت في علي وعمار بن ياسر وأبي عبيدة بن الجراح، كان أحدهم يعتكف، فإذا أراد الغائط من السحر رجع إلى أهله فيباشر ويجامع ويغتسل ويرجع فنزلت ([65]).
ب ـ وعن الضحاك قال: كانوا يجامعون وهم معتكفون، حتى نزلت: {وَلاَ تُبَـ?شِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـ?كِفُونَ فِي ?لْمَسَـ?جِدِ} ([66]).
القراءات:
قوله تعالى: {فالآن باشروهن ... لكم}
قرأ الحسن البصر: (واتبعوا) بالعين المهملة من الاتباع ([67]).
المفردات:
{?لرَّفَثُ}: الجماع ([68]).
{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ}: كناية عن انضمام الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب ([69]).
{تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ}: خيانتهم كانت في أمرين أحدهما: جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حرامًا ذلك عليهم ([70]) ثم نسخ هذا بعد ذلك، وعفا الله عنهم ([71]).
{بَـ?شِرُوهُنَّ}: أي جامعوهن، بعد ما كان حرامًا ([72]).
{وَ?بْتَغُواْ مَا كَتَبَ ?للَّهُ لَكُمْ}: أي انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى، والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية، وإعفاف الفرج، وحصول مقاصد النكاح ([73]).
{?لْخَيْطُ الأبْيَضُ}: الفجر اللصادق المعترض في الأفق، لا الفجر الكاذب الذي هو كذنب السِّرحان ([74]) ([75]).
{?لْخَيْطِ ?لاسْوَدِ}: سواد الليل ([76]) والعرب تسمي الصبح خيطًا وظلام الليل المختلط به خيطًا ([77]).
{عَـ?كِفُونَ فِي ?لْمَسَـ?جِدِ} أي منقطعون للعبادة في المساجد ([78]).
{حُدُودُ ?للَّهِ}: جمع حد، وهو ما شرع الله تعالى من الطاعات فعلاً أو تركًا ([79]).
المعنى الإجمالي:
كان المسلمون في بداية أمرهم يصومون إلى الغروب، فإذا غربت الشمس حل لهم الأكل والشرب والجماع ما لم يناموا، فإن ناموا حرم عليهم ذلك فأمسكوا حتى اليوم التالي، وكانوا يجدون في ذلك مشقة عظيمة.
ومن ثم فرج الله تعالى عنهم ذلك بعد وقوعهم في الحرج العظيم إزاء هذه العبادة فكانوا يختانون أنفسهم. فخفف الله تعالى عنهم بأن أباح لهم الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام، وتاب عليهم وعفا عنهم ما سلف من أمرهم.
ثم يأمرهم سبحانه وتعالى أن يباشروا نساءهم، ويقصدوا بذلك تكثير سواد الأمة بالتوالد، والإعفاف عن تقحم الحرام، لا مجرد قضاء الشهوة وتصريفها، وما أجل التعبير القرآني إذ عمد إلى الكناية بدلاً من التصريح فيما يستحى من ذكره.
ثم ينهى سبحانه وتعالى عن المباشرة للمعتكف؛ إذ إنها تنقض الاعتكاف وتفسده، وبعدما ذكر هذه الأحكام العظيمة بين أنها حدود محددة لا يجوز تجاوزها ولا اقتحامها، فإن من امتثل لهذه الأحكام وطبقها فحري به أن يكون من المتقين ([80]).
نصوص ذات صلة:
1 ـ عن حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) ([81]).
2 ـ عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ أهما خيطان؟ قال: ((إنك لعريض القفا، إن أبصرت الخيطين))، ثم قال: ((لا، بل هو سواد الليل وبياض النهار)) ([82]).
3 ـ عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق)) ([83]).
4 ـ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم)) ([84]).
5 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال. قالوا: إنك تواصل! قال: ((إني لست مثلكم، إني أطُعم وأسقى)) ([85]).
6 ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا فإن في السحور بركة)) ([86]).
7 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: أشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبًا من جماع غير احتلام ثم يصوم ([87]).
¥