تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن المقاتل الَّتِيْ ينبغي لطالب العلم أو العالم مهما بلغ قدره أن لا يقع فيها، أن يدَّعي التقصي والتتبع ثم يظهر أنه لم يتقص ولم يتتبع، بل أطلق القول لثقته فيما توصل إليه، بناء على معلومات قديمة، أو ثقة في محفوظه من الأدلة، والذَّاكرة خوَّانة، فليحذر طالب العلم المحقِّق الانقياد لها دون مراجعة الأصول من كتب المنقول والمعقول، فكم من دعاوى أطلقها فضلاء، لا تساوي عند التحقيق والبحث شيئا، وإني أنصح نفسي المقصِّرة وبقية إخواني أن يكون الحق غايتنا، وأن نخضع له دون شرط أو قيد، وأن نعود إليه إن بان لنا، فالتراجع عن الخطإ رفعة للمتراجع، ورده والتكبر عليه بداية السقوط، أسأل الله أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا وأن يرزقنا اجتنابه.

أعود إلى كلام طالب العلم الفاضل لأبين ما فيه من الخلل الَّذِيْ أدى به إلى إنكار ما ليس منكرا، واتهام الناس بالخطإ وهو أولى أن يتهم نفسه به، وسأجعله في نقاط حتى يسهل فهم الرد على المطالع:

1 - الادعاء أن هَذَا الدعاء فيه خلل كبير!

لو أن هَذَا الخلل صغير، وكان مغمورا، ولم يسمع به أحد من أهل العلم، لهان الخطب، لكنَّ الزَّعم أن الخلل كبير، مع العلم أن أهل العلم الذين يثق الجميع بعلمهم ممن توفَّاهم الله سمعوا هَذَا الدعاء وطرق آذانهم، هم أكثر من هَذَا الطالب علما، وأرسخ منه عقيدة، وأفهم منه لغة، وأحرص منه على نقد البدع والمحدثات، لم يَفُهْ أحدا منهم بما فاه به هَذَا الطالب، أو حذَّر مما حذَّر منه، وأنا لا أدَّعي لأحد العصمة، ولا أوجب تقليدهم في كل صغيرة وكبيرة، لكن التفوَّه بأن هَذَا الخلل الكبير لم يكتشفه إلا هَذَا الطالب يعد ضُحكة على عقول الأغمار الأغرار الذين لم يبلغوا من العلم شيئا، فأين علماؤنا عن هَذَا الخلل، فقد بينَّنوا أخطاء وبدعا أقلَّ منه شأنا، وأقل منه شهرة، فكيف فاتهم هَذَا، أم كيف سكتوا عنه إن علموه، وأنا أطالب هَذَا الطالب للعلم أن يأتينا بمن سبقه من أهل العلم ممن يوثق بدينهم وعلمهم إلى هَذَا القول المنكر، وليتهم أحدنا نفسه ويراجع قوله ويتحرى فيه قبل أن يتهم الناس بالجهل في أمر ظاهر.

فكيف إذا عرفنا أن أحد أفاضل أهل العلم في عصرنا ممن توفاه الله عزَّ وجلَّ قد ردَّ على هذه الشبهة، وبين خطأ قائلها، طالع أخي السؤال والجواب ثم احكم:

السؤال:

فضيلة الشيخ: هناك دعاء يدعو به بعض الناس وهو: " اللهم أعتق رقابنا من النار"

وقد قال أحد طلبة العلم: بأن هذا الدعاء لا ينبغي أن يقال أو شيء مثل هذا

ويقول: كأن الداعي يحكم على نفسه بأنه من أهل النار.

الجواب:

لا. هذا غير صحيح

إذا قال الإنسان: اللهم أنجني من النار، فهل معناه أنه دخل فيها؟

طبعاً: لا

لكني ظننتُ أنه يقول: لماذا يسأل بالإعتاق بدل النجاة؟!

أنا أقول: لا بأس أن يسأل بالإعتاق بدلاً من النجاة، كما جاء في الحديث في باب صيام رمضان: (ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) وجاء فيمن أعتق عبداً (أن الله يعتقه بكل جزء منه أو بكل عضو منه عضواً من النار).

أتدري أخي من المجيب

إنه فقيه العصر، العالم الفاضل المربي مُحَمَّد بن صالح بن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وألحقنا به في الصالحين.

لقاء الباب المفتوح (27/ 122)

فأي الرجلين أولى بالمتابعة؟

2 - عتقاء الله من النَّار هم الجهنميون

هَذَا الكلام انتزعه طالب العلم الفاضل من حديث أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وزعم أنه في الصحيحين، وقد صدق في قوله إنه في الصحيحين أي أصل الحديث، لكن هذه اللفظة لم ترد في البخاري أو مسلم وكثير من كتب السنن الَّتِيْ روي هَذَا الحديث فيها، وإنما جاءت في بعض الكتب سأذكرها بعد قليل إن شاء الله، واللفظ الوارد في البخاري هو: ((فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ))، وفي مسلم ((يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير