تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لعله هو الزنجي قال: هذا مؤمن ولم يجعل أبو حنيفة شيئاً من الدين مستخرجاً إيماناً وزعم أن الإيمان لا يتبعض ولا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل الناس فيه. فأما غسان وأكثر أصحاب أبي حنيفة فإنهم يحكون عن أسلافهم أن الإيمان هو الإقرار والمحبة لله والتعظيم له والهيبة منه وترك الاستخفاف بحقه وأنه لا يزيد ولا ينقص.) ا. هـ

- فهذه الفرق جميعها لا تختلف أقوالها في حقيقة الإيمان المجزئ عمن يقول أن الإيمان هو الإقرار والمعرفة والخضوع أو تصديق القلب وعمله وإقرار اللسان، إلا في تسمية الأعمال إيمانا، ومسألة زيادة الإيمان ونقصانه قد لا يكون لها اختصاص بالمرجئة من جهة أن هذا هو قول الخوارج أيضا وشبهتهم وأصلهم في ذلك واحد هو أن الإيمان شيء واحد لاسيما وقد نقل عن بعض الأئمة أن الإيمان يزيد ولا ينقص.

فإذا أضيف إلى ذلك أن بعض فرق المرجئة قد قال بالتفاضل والزيادة والنقصان وإمكان تعذيب الله لأهل الكبائر كما هو قول الفرقة الثامنة وغيرها فقد ذابت حقيقة الفوارق المميزة بين أصحاب هذه الشبهة وبين قول هذه الفرق وكان الخلاف بينهم في تسمية هذه الأعمال إيمان شكلي ولفظي فحسب!

وتأمل قول الأشعري رحمه الله:

(واختلفت المرجئة في فجار أهل القبلة هل يجوز أن يخلدهم الله في النار إن أدخلهم النار على خمسة أقاويل: فزعمت الفرقة الأولى أصحاب بشر المريسي أنه محال أن يخلد الله الفجار من أهل القبلة في النار لقول الله عز وجل: " فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره " وأنهم وزعمت الفرقة الثانية منهم أصحاب أبي شمر ومحمد بن شبيب أنه جائز أن يدخلهم الله النار وجائز أن يخلدهم فيها إن أدخلهم وجائز أن لا يخلدهم.

وقالت الفرقة الثالثة أن الله عز وجل يدخل النار قوماً من المسلمين إلا أنهم يخرجون بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصيرون إلى الجنة لا محالة. وقالت الفرقة الرابعة وهم أصحاب غيلان: جائز أن يعذبهم الله وجائز أن يعفو عنهم وجائز أن لا يخلدهم فإن عذب أحداً عذب من ارتكب مثل ما ارتكبه وكذلك إن خلده وإن عفا عن أحد عفا عن كل من كان مثله.

وقالت الفرقة الخامسة منهم: جائز أن يعذبهم الله وجائز أن لا يعذبهم وجائز أن يخلدهم ولا يخلدهم وأن يعذب واحداً ويعفو عمن كان مثله كل ذلك لله عز وجل أن يفعله.) ا. هـ

- فهم يقرون بتعذيب أهل الكبائر مع أنهم جميعا لم يطلقوا على أعمال الجوارح اسم الإيمان فهل ثمة فرق حقيقي بين أقوال هذه الفرق وبين من يقول بأن تارك العمل بالكلية لا يكفر وأنه يجزئ القول والاعتقاد دون العمل؟!

- وقد يقول قائل ما ذكرته لا باس به من جهة أن الخلاف بيننا وبين هذه الفرق لفظي وهذا ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله نصا عن الخلاف بين مرجئة الفقهاء وأهل السنة فذكر أن الخلاف بينهما لفظي إذ جعلوا أعمال الجوارح لازمة للإيمان ليست منه.

- والجواب عن ذلك أن هذا الكلام بني على فهم مغلوط لكلام شيخ الإسلام رحمه الله المذكور في هذه الموضع.

- ولو رجعنا إلى قوله لوجدنا أنه قد علق كون الخلاف لفظيا بين من يقول بأن العمل من الإيمان ومن يقول بأنه لازم له ليس منه إذا رتب على هذا التلازم انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه، أي انتفاء الإيمان الباطن لانتفاء العمل الظاهر ففي هذه الحالة فقط يكون الخلاف لفظيا ومما يوضح ذلك قوله رحمه الله للجهمية:

-) أنكم سلمتم أن هذه الأعمال لازمة لإيمان القلب، فإذا انتفت لم يبق في القلب إيمان، وهذا هو المطلوب، وبعد هذا فكونها لازمة أو جزءًا، نزاع لفظي (

- وقال رحمه الله كما في 1/ 168 الإيمان الأوسط:

) ومنشأ الغلط في هذه المواضع من وجوه:

أحدها: أن العلم والتصديق مستلزم لجميع موجبات الإيمان.

الثاني: ظن الظان أن ما في القلوب لا يتفاضل الناس فيه.

الثالث: ظن الظان أن ما في القلب من الإيمان المقبول يمكن تخلف القول الظاهر والعمل الظاهر عنه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير