تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(رسالة في رياضة الصبيان وتعليمهم وتأديبهم)]

هذه الرسالة رسالة صغيرة لطيفة مختصرة، موضوعها يدور حول كيفية تأديب الأطفال وتربيتهم، وقد استنبط الأنبابي توجيهاته من النصوص الشرعية في الغالب، وإن كان لايذكرها إلا فيما ندر، ومن مصادره التي نقل منها:

1 - كتاب إحياء علوم الدين، للغزالي.

2 - وما يحتاج إليه مؤدب الأطفال من الأحكام، لابن حجر الهيتمي.

وفما يلي نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه وترتيبه، وأدب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فأحسن تأديبه، وزكى أوصافه وأخلاقه ثم اتخذه صفيه وحبيبه، ووفق للاقتداء به من أراد تهذيبه، وحَرَمَ عن التخلق بأخلاقه من أراد تخييبه، وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

اعلم:

أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور و أوكدها (1)، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش فيه، ومايل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة (2)، وشاركه في ثوابه أبواه (3)، وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر، وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر على قيمه ووليه (4)، قال الله عز وجل:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}، وإذا كان الأب يصونه عن نار الدنيا فعن نار الآخرة أولى.

ــــــــــــــــ

1 - لأن الطريقة التي يربَى بها الطفل تَرَتَب عليها نتائج التربية، فالكل يربي، ولكل شيخ طريقة وهدف منشود من هذه الطريقة، وبعض الطرق في التربية أفضل من بعض وخاصة الطرق التي تكون مستنبطة من الكتاب والسنة، فهي الأفضل بلا شك والأسلم بلا ريب.

2 - ورد في صحيح البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ"

ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.

قال ابن حجر:

" وَأَشْهَرُ الْأَقْوَال أَنَّ الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ الْإِسْلَام، قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: وَهُوَ الْمَعْرُوف عِنْد عَامَّة السَّلَف. وَأَجْمَعَ أَهْل الْعِلْم بِالتَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى (فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا) الْإِسْلَام، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَة فِي آخِر حَدِيث الْبَاب: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا) وَبِحَدِيثِ عِيَاض بْن حِمَار عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبّه " إِنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاء كُلّهمْ، فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِين عَنْ دِينهمْ " الْحَدِيث. وَقَدْ رَوَاهُ غَيْره فَزَادَ فِيهِ " حُنَفَاء مُسْلِمِينَ " وَرَجَّحَهُ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (فِطْرَة اللَّه) لِأَنَّهَا إِضَافَة مَدْح، وَقَدْ أَمَرَ نَبِيّه بِلُزُومِهَا، فَعُلِمَ أَنَّهَا الْإِسْلَام.

ينظر: فتح الباري، لابن حجر.

لذلك فالعبارة التي وردت في النص وهي:" جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة"، ليست صائبة. والله أعلم وأحكم.

3 - من ذلك ما أخرجه الحاكم في مستدركه بإسناده عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من قرأ القرآن، وعمل بما فيه ألبس والده يوم القيامة تاجا ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا وكانت فيه، فما ظنكم بالذي عمل به». «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»،ووافقه الذهبي.

4 - قال ابن القيم:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير