" قال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة، قبل أن يسأل الولد عن والده؛ فإنه كما أن للأب على ابنه حقا، فللابن على أبيه حق؛ كما قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} (العنكبوت:8)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} (التحريم:6) ... فوصية الله للآباء بأولادهم، سابقة على وصية الأولاد بآبائهم، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً} (الإسراء:31). ينظر: تحفة المودود،لابن القيم، والمنهج النبوي في تربية الطفل، لعبد الباسط محمد السيد.
وقال تعالى:
{يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً} النساء11
قال ابن كثير:
"وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ} أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده، حيث أوصى الوالدين بأولادهم، فعلم أنه أرحم بهم منهم، كما جاء في الحديث الصحيح."
والحديث المقصود هو:
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
"قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ قُلْنَا لَا وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ فَقَالَ لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا" (متفق عليه).
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[29 Oct 2009, 12:00 م]ـ
وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفطه من قرناء السوء، ولا يعوده التنعم والتزين.
* تأديب الطفل فيما يخص المأكل والملبس (1):
وأول ما يغلب عليه من الصفات شره الطعام، وتأديبه فيه أن لا يأخذ من الطعام إلا بيمينه، وأن يقول بسم الله عند أخذه، وأن يأكل مما يليه، وأن لا يبادر إلى الطعام قبل غيره (2)، وأن لا يحدق النظر إليه، ولا إلى من يأكل منه، وأن لا يسرع في الأكل، وأن يجيد المضغ، وأن لا يوالي بين اللقم (3)، وأن لا يلطخ يده، ولا ثوبه، ولا يعود على نفائس الأطعمة (4)، والملابس، بل يحبب إليه الخشن منها، ويقبح عنده كثرة الأكل،بأن يشبه كل من يكثر الأكل بالبهائم، ويذم بين يديه الصبي الذي يكثر الأكل، ويمدح الصبي المتأدب (5)، القليل الأكل، ويحفظ عن الصبيان الذين عودوا التنعم والرفاهية ولبس الثياب الفاخرة وعن مخالطة كل ما يلهيه.
* تأديب الطفل في ما يخص تلقيه للعلم ومخالطته للناس:
وأن يوجه إلى المكتب فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار وحكايات الأبرار وأحوالهم ليغرس في نفسه حب الصالحين، ويحفظ عن الأشعار التي فيها ذكر العشق وأهله (6)، ويحفظ عن مخالطة الأدباء الذين يزعمون أن ذلك من رقة الطبع فإن ذلك ينبت في قلبه بذر الفساد، وينبغي أن يمنع عن النوم نهارا، فإنه يورث الكسل، ويمنع من أن يفتخر على أقرانه بشيء يملكه والده، أو بشيء من مطاعمه أو ملابسه، أو لوحه أو دواته، بل يعود التواضع والإكرام لكل من عاشره، والتلطف في الكلام معه (7)، ويمنع من أن يأخذ من الصبيان أو غيرهم شيأ، بل يعلمه أن الرفعة في الإعطاء لا في الأخذ، وأن الأخذ خسة ودناءة إن كان من أولاد المحتشمين، وإن كان من أولاد الفقر فيعلمه أن
¥