تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد أخرجه في موضع أخر (571) فقال: (باب التشديد في ذلك) , وقد بوب قبل ذلك: (باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد) وذكر حديث عائشة (569) رضي الله عنها: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منع نساء بني إسرائيل. ثم ذكر حديث عبدالله بن مسعود (570) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها).

ثم روى أبو داود (464) من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير، عن نافع قال: (إن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يُدخل من باب النساء).

قلت: رواية عبد الوارث أخرجها الطبراني في الكبير والأوسط , وأبو نعيم في أخبار أصبهان, والباغندي في أماليه , وابن بشران؛ جميعم من طريق عبد الله بن عمرو.

وأما ما يتعلق بالترجيح بين الروايتين؛ فعبد الوارث وابن علية متقاربان في أيوب , فكلامهما من كبار الحفاظ , لذا قدم بعض الحفاظ ابن علية، وقدم آخرون عبد الوارث , وأما رواية: بكير (وهو ابن الأشج) عن نافع أن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يدخل من باب النساء، فليست صريحة في أن عمر هو الذي أمر بذلك , إذ هي محتملة أن يكون الذي أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , وتنفيذا لذلك كان عمر رضي الله عنه ينهى أن يدخل الرجال من باب النساء.

وإذا كان الصحيح في هذا الخبر وقفه على عمر رضي الله عنه , فهو من الخلفاء الراشدين الذين أمر عليه الصلاة والسلام بالعمل بسنتهم , فقال في الحديث الصحيح: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي).

ومن المعلوم أن القرآن الكريم كان ينزل بموافقة عمر رضي الله عنه, ولذا كان عليه الصلاة والسلام يستشيره في الأمور , وفي هذا الخبر أن ابن عمر عمل بذلك فلم يدخل من هذا الباب الذي خصص للنساء حتى توفاه الله عز وجل.

وفي هذا الحديث مشروعية جعل أبواب خاصة للنساء في المساجد , ويلحق به دور التعليم والعمل وغيرهما.

والحكمة في ذلك ظاهرة؛ وهي ألاّ يختلط الرجال بالنساء، مع أن مدة الدخول والخروج قصيرة , فكيف إذا كان هذا الاختلاط في أوقات طويلة؟

ويلاحظ أن في صلاة النساء مع الرجال عدة أمور:

أولاً: الأولى بالمرأة أن تصلي بالبيت، وقد جاء في ذلك عدة أحاديث، منها قول ?: (وبيوتهن خير لهن)، مع أن الصلاة في مسجده عليه الصلاة والسلام عن ألف صلاة، ولا يستثنى من ذلك إلا صلاة العيدين، فقد جاء الحث للنساء بالصلاة في المصلى، وهما لا يقعان إلا مرتين في العام.

ثانياً: إذا خرجت المرأة على المسجد فعليها أن تخرج بدون أن تتطيب، لقوله ?: (وليخرجن تفلات)، ويدخل في ذلك الثياب الحسان ونحو ذلك مما يكون سبباً للفتنة. قال أبو محمد بن حزم: (ولا يحل لهن أن تخرجن متطيبات ولا في ثياب حسان…). وقال ابن كثير: (يجوز لها شهود جماعة الرجال بشرط أن لا تؤذي أحداً من الرجال، بظهور زينة ولا ريح طيب).

وقال ابن دقيق العيد: (فيلحق بالطيب ما في معناه، فإن الطيب إنما منع منه لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم وربما يكون سببا لتحريك شهوة المرأة أيضا فما أوجب هذا المعنى التحق به).

ثالثاً: تخصيص باب لهن يدخلن منه ويخرجن، حتى لا يختلطن بالرجال.

رابعاً: أنهن يصلين خلف الرجال، ولا يختلطن بهم؛ بل الأفضل لهن أن يبتعدن عن صفوف الرجال قدر الإمكان، لقوله ?: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها).

وهذا يؤكد حرص الشارع على عدم اختلاط النساء بالرجال، وقد وصف مجرد قرب النساء للرجال بالشر؛ فكيف بالمخالطة؟ لا شك أنها شرٌ من باب أولى.

خامساً: أنهن إذا صلين مع الرجال، فعليهن أن ينصرفن مباشرة بعد انتهاء الصلاة إلى بيوتهن، وأما إمام المسجد ومن معه من الرجال، فينتظرون قليلاً حتى ينصرف النساء، كما سن لنا ذلك رسول الله ? , وهذه الأمور الخمسة أدلتها ظاهرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير