تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهناك أمر سادس اختلف فيه: وهو شهود النساء للصلاة في المساجد، هل هو خاص بالصلوات الليلة لكون الليل أستر لهن، أم أنه يشمل صلاة النهار أيضا؟ لأنه إذا أبيح لهن أداء صلاة الليل في المساجد، فتكون صلاة النهار من باب أولى، فيه خلاف بين أهل العلم. فأين هذا مما نحن بصدده من جلوس الشباب والشابات في مقاعد الدراسة مختلطاً بعضهم بالبعض الآخر، وينظر أحدهم إلى الآخر، ويتحدث بعضهم إلى بعض، ولذا لا يعرف هذا في الإسلام.

الدليل الثامن: في البيعة؛ فقد كان النبي ? يبايع الناس في معزلٍ عن الرجال؛ وقد بوب البخاري في صحيحه فقال: (باب: بيعة النساء، رواه ابن عباس عن النبي ?).

الدليل التاسع: في الطُرُقات والأسواق؛ فقد أخرج أبو داود (5272) من حديث: عبدالله بن مسلمة، عن عبد العزيز (بن محمد الدراوردي)، عن أبي اليمان (الرحال)، عن شداد بن أبي عمرو بن حِماس، عن أبيه، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه أنه سمع رسول الله ? يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحقُقْن الطريق، عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. قلت: وشداد فيه جهالة.

وخالف شداد؛ الحارث بن الحكم، فرواه (كما عند الطبراني والبيهقي في الشعب) عن أبي عمرو بن حماس قال: قال النبي ?: (ليس للنساء سراة الطريق). قلت: وهذا منقطع، والحارث فيه جهالة.

وللحديث طريقٌ أخرى صححها ابن حبان (5601)؛ من حديث: مسلم بن خالد (الزنجي)، عن شريك بن أبي نمر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ?: (ليس للنساء وسط الطريق). قلت: ومسلم بن خالد الزنجي من مشاهير الفقهاء في زمانه، حتى قال إبراهيم الحربي: كان فقيه أهل مكة. وكان من أهل الفضل كما قال ابن سعد: كان فقيهاً عابداً يصوم الدهر، وكان كثير الغلط في حديثه.

قلت: إنما تكلموا فيه لسوء حفظه كما قال ابن سعد.

والحديث بمجموع طريقيه فيه قوّة؛ وله شواهد من حيث المعنى، كما في حديث أم سلمة المتقدم.

الدليل العاشر: ما جاء في الصحيحين (البخاري 1088، ومسلم 1339) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ?: (لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها)، وفي رواية: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم).

الدليل الحادي عشر: ما جاء في الصحيحين أيضاً (البخاري 1862, ومسلم 1341) مرفوعا: (لا يخلو رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم, ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم) فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا , فقال رسول الله ?: (انطلق فحج مع امرأتك).

والحكمة في هذا ظاهرة، وهي الحفاظ على المرأة لئلا تحتاج إلى الرجال الأجانب في قضاء حوائجها أثناء السفر , فتختلط بالرجال فإذا كان معها محرم منها فسيكفيها ذلك.

الدليل الثاني عشر: ما رواه البخاري (5240, 5241) من حديث عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله ?: (لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها). وأخرجه أحمد (36092) والطبراني في الكبير (10247) بلفظ: (لا تصفن المرأة لزوجها المرأة كما ينظر إليها).

ووجه الشاهد من هذا: أن الرسول ? نهى النساء أن يصِفن لأزواجهن النساء الأخريات؛ كأنهم ينظرون إليهن, وذلك خشية الفتنة.

فإذا كان وصف المرأة للأخرى بحضرة الرجال الأجانب لا يجوز؛ فمن باب الأولى عدم جواز اختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات عنهم؛ لأنهم والحالة هذه لا يحتاجوا إلى وصف هؤلاء النسوة؛ لاختلاطهم بهن ونظرهم إليهن , وهذا أبلغ في الفتنة من الوصف؛ فأيهما أولى بالتحريم؟

الدليل الثالث عشر: ما جاء في الصحيحين (البخاري 2035، ومسلم 2175) في قصة صفية بن حيي عندما زارت رسول الله ? في معتكفه فقام معها ليوصلها إلى حجرتها فمر في أثناء ذلك رجلا من الأنصار فأسرعا لكي يبتعدا عن أهل رسول الله ? فقال: (على رسلكما إنها صفية) فقالا: سبحان الله يا رسول الله , فقال عليه الصلاة والسلام: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير