(كان رسول الله أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا بالجلوس)، و الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 488) ولفظه: عن لحكم بن مسعود الزرقي قال: "شهدت جنازة بالعراق فرأيت رجالاً قياماً ينتظرون أن توضع، ورأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يشير إليهم؛ أن اجلسوا فان النبي قد أمرنا بالجلوس بعد القيام". وقال الألباني في "إرواء الغليل" (3/ 192): "وإسناده جيد".
ومن طريق أبي معمر عند النسائي في "المجتبى" (1923) قال: "كنا عند علي، فمرت به جنازة؛ فقاموا لها، فقال علي: ما هذا؟ قالوا: أمر أبي موسى، فقال: إنما قام رسول الله لجنازة يهودية ولم يعد بعد ذلك". و أخرجه ابن أبي شيبة (11919)، وقال الألباني في "الإرواء" (3/ 193): أخرجه النسائي، وابن أبي شيبة "بسند صحيح"، وصححه أيضاً في "صحيح سنن النسائي" (1815).
وقال الألباني في "التعليقات الرضية" (1/ 463):
"قال القاضي عياض: "ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بحديث علي هذا".
قلت:
بل هو منسوخ أيضاً بما أخرجه الطحاوي من طريق إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي عن أبيه قال شهدت جنازة بالعراق فرأيت رجالاً قياماً ينتظرون أن توضع ورأيت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يشير إليهم أن اجلسوا فإن النبي قد أمرنا بالجلوس بعد القيام وسنده حسن كما ذكرت في التعليقات الجياد (3 30 - 31) وقد ذهب إلى هذا الشافعي وأصحابه كما ذكره النووي ونقلت كلامه هناك فراجعه". انتهى.
قال المنذري في مختصر أبي داود (4/ 313): "وذكر غيره ـ يعني: غير أبي بكر الهمداني ـ أن القيام للجنازة؛ منسوخ بحديث علي بن أبي طالب.
وعن عبادة بن الصامت قال: "كان رسول الله يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد، فمر به حَبْرٌ من اليهود، فقال: هكذا نفعل، فجلس النبي وقال: (اجلسوا خالفوهم) ".
أخرجه أبو داود في سننه (3176)، و ابن ماجه في "سننه" (1545)، وحسنه الألباني في " صحيح سننهما".
قال ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" (4/ 312) في تعليقه على حديث عبادة:
" وهذا هو الذي نحاه الشافعي. قال: وقد روى حديث عامر بن ربيعة وهذا لا يعدو أن يكون منسوخا أو يكون النبي قام لها لعلة قد رواها بعض المحدثين من أن جنازة يهودي مر بها على النبي فقام لها كراهية أن تطوله.
وأيهما كان فقد جاء عن النبي تركه بعد فعله، والحجة في الآخر من أمره؛ إن كان الأول واجباً، فالآخر من أمره ناسخ، وإن كان استحباباً؛ فالآخر هو الاستحباب، وإن كان مباحاً؛ فلا بأس في القيام، والقعود أحب إلي لأنه الآخر من فعله.
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله:وقد اختلف أهل العلم في القيام الجنازة وعلى القبر على أربعة أقوال:
أحدها أن ذلك كله منسوخ قيام تابعها وقيام من مرت عليه وقيام المشيع على القبر.
قال هؤلاء: وما جاء من القعود: نسخ هذا كله وهذا المذهب ضعيف" ـ إلى أ قال رحمه الله ـ: " أو يدل على نسخِ قيام القاعد الذي يمر عليه بالجنازة؛ دون استمرار قيام مشيعها، كما هو المعروف من مذهب أحمد عند أصحابه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة". انتهى.
قال النووي في "شرح مسلم" (7/ 37):
" قال القاضي: قال مالك، وأبو حنيفة، و الشافعي: القيام منسوخ.
وقال جماعة من الصحابة والسلف: والنسخ إنما هو في قيام من مرت به، وبهذا؛ قال الأوزاعي، و أحمد، و إسحاق، ومحمد بن الحسن". انتهى.
أقول للعواجي:
كيف تجعل للبابا الاختيار في اعتناق ما يريد من الملة، بقولك: (له دينه .. ) وتقول: فالله يحكم بيننا بالحق.
نعم هو كذلك؛ الله يحكم بيننا، ولكن أين بيان الحق في مصير من مات على الكفر، حتى لا ينخدع بكلامك العامة من المسلمين، لاسيما أنك تتكلم في منبر عالمي وهو (ملحق الرسالة) بجريدة المدينة.
لِمَ لم تقرأ على الناس، وتُسمعهم؛ حديث النبي الذي أخرجه مسلم وغيره، عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به؛ إلا كان من أصحاب النار).
لِمَ لَمْ تذكر هذا عقب إيرادك لحديث قيامه للجنازة، التي أُخبر فيما بعد أنها جنازة يهودي؛ حتى يفهم الناس أن هذا الدين مبني على الولاء و البراء، الولاء للمسلمين، و البراء من الكفار.
¥