مع أن العمل بالحديث الذي استشهدت به في احترام البابا؛ منسوخ، كما تبين فيما سبق.
ولكن لقلة البضاعة، وعدم معرفتك بالسنة، والناسخ والمنسوخ، وأقوال العلماء في المسألة؛ جعلك تهرف بما لا تعرف.
وقد ألتمس لك العذر في ذلك، فقد أشغلك الحديث السياسي، واللقاءات الفضائية، و الاهتمام بفقه الواقع؛ عن الاهتمام بالعلم الشرعي ومزاحمة العلماء في الحلقات العلمية. ومن يشغله ذلك؛ نتوقع منه أكثر.
قال فخر الرازي في "التفسير الكبير" (17/ 162):
" قال تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}.، والمراد من الأحزاب أصناف الكفار فيدخل فيهم اليهود والنصارى والمجوس روى سعيد بن جبير عن أبي موسى أن النبي قال (لا يسمع بي يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي؛ إلا كان من أهل النار) قال أبو موسى فقلت في نفسي إن النبي لا يقول مثل هذا إلا عن القرآن، فوجدت الله تعالى يقول: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}، وقال بعضهم: لما دلت الآية على أن من يكفر به فالنار موعده؛ دلت على أن من لا يكفر به لم تكن النار موعده". انتهى.
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (15/ 75):
"قال تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}. وروى الإمام أحمد وابن أبى حاتم وغيرهما، عن أيوب عن سعيد بن جبير قال ما بلغني حديث عن رسول الله على وجه إلا وجدت تصديقه في كتاب الله حتى بلغني أنه قال: (لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار)، قال سعيد: فقلت: أين هذا في كتاب الله حتى أتيت على هذه الآية: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} قال: الأحزاب؛ هي: الملل كلها.". انتهى.
قال الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (7/ 149) عقب حديث أبي هريرة المتقدم:
"فيه فوائد:
الثانية: قوله: (لا يسمع بي أحد من هذه الأمة) يتناول جميع أمة الدعوة من هو موجود في زمنه ومن يتجدد وجوده بعده إلى يوم القيامة، فذكره اليهودي والنصراني بعد ذلك من ذكر الخاص بعد العام، وإنما ذكرهما تنبيها على من سواهما وذلك لأن اليهود والنصارى لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى.
الرابعة: وفيه نسخ الملل كلها برسالة نبينا.
السادسة: وفيه تكفير من أنكر بعض ما جاء به إذا ثبت ذلك بنص قطعي، وأجمعت عليه الأمة. والله أعلم". انتهى.
وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى" (4/ 206) عقب إيراده هذا الحديث:
" قال سعيد بن جبير تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}.". انتهى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،،،،،،،،
وكتبه
جمال بن فريحان الحارثي
29/ 2/1426هـ
ـ[باوزير]ــــــــ[17 - 06 - 2005, 01:50 م]ـ
أحسنتِ أستاذتنا الفاضلة على هذا النقل المفيد والفوائد النفيسة.
بارك الله فيكِ وأحسن إليكِ.
ـ[الطائي]ــــــــ[18 - 06 - 2005, 07:59 م]ـ
الأستاذ الفاضل / باوزير ...
جزاك الله خيراً، وأجزل لك المثوبة، فقد أبلغتَ في الإيضاح، وشفيتَ تساؤلاتٍ كثيرة، فلا عدمتك أخاً كريماً.
الأستاذة / سمط اللآلئ ...
تبارك من خلقك وكمّلكِ بالعلم ...
عروضيةٌ، نحويةٌ، صَرفية، أديبةٌ، ذاتُ علمٍ وخُلُق، ولا أزكّيكِ على الله.
إن كانَ في الأمة مثلك فهي بخير، ولئن قيل إنّ تقدّم الأمة يُقاس بكذا أو بكذا، فإني أقول إنه يُقاس بنسائها؛ فهنّ مرضعاتُ الأماجد، ومنجباتُ الأبطال؛ إن انحنينَ إلى السفاسف جاء النشءُ هشّاً ضعيفاً خاوي الفكر، وإن انتصبتْ قاماتهن إلى المعالي رفعنَ الأمة وأعلينَ شأنها؛ فكثَّر الله من أمثالك يا أُخيّة.
أستاذي / با وزير .. أستاذتي / سمط اللآلئ .. الأحبة الأعضاء .. والقراء ..
لا أدري ما الذي حمَلني على كتابة ما كتبتُ، إلا أنني كنتُ في حالٍ من صفاء الذهن، وكنتُ أتأمّل ذاكم الحديث، فكأنني كنتُ أقرؤه لأول مرّة، وهُرِعتُ إلى القلم، ولا ادري هل سقيتُهُ مِداداً أم بعضاً من أدمعي التي غالبتُها فغلبتني فور انتهائي من قراءة الحديث الشريف.
رحمةٌ نبويّةٌ أمام مشهد الموت، هذا تماماً ما أبكاني؛ ولكن ...
عندما قرأتُ الردَّين الآنفين، عُدتُ إلى نفسي باللوم، وقلت لها: ما الذي يضمن لي أنه لن يقرأ مقالتي من بقلبه مرض، من أولئك الذين يُشكِّكون في حرمان غير المسلمين من الجنة، فيزداد مرضاً؟! ولا أزعم هنا أنني ذو تأثير في الناس، ولكن لو قرأ مقالتي إنسانٌ واحد، فداخلَه شكٌّ لظننتُ أنّ الله محاسبي على ذلك.
نسأل الله الثبات، فهذا أحدُ المفتين، ممّن يُشار إليهم بالبنان، قد ترحّم على البابا وأمام الملأ، وهو يعلم أنه مات على غير (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله) ومع ذلك يرجو له الرحمة!!!
وهأنذا أعود إلى الحقّ وأدعو من يقرأ مقالتي إلى قراءة الردين الآنفين، وأن يقرأ الحديث الذي سأورده في ردٍّ مستقلٍّ أسفل هذه المشاركة، والذي أوردَتْهُ أختنا (سمط اللآلئ) في ردّها.
اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزُقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه .. اللهم آمين ...
¥