الطريقُ إلى المعدن النَّفيس
ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[20 - 11 - 2006, 03:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحقٌّ معدنٌ نفيس لا يصل إليه إلا من وفَّقه الله تعالى، ومن توفيق الله للعبد أن يهبَه (حسن التمييز) بين طريق أهل الاتباع وطريق أهل الخَرَص. وقد يقف العبد المسلم بين مفترق طرق، فيصعب عليه تمييز جادة الحق عن غيرِها، وذلك لأخلاطٍ مازجَت قلبَه، أو مدركَاتٍ لم تحصل له.
ومن أخلاطِ السوء الصارفةِ عن الحق: تعظيمُ الخلقِ على الحق، أو تشهِّي مذهبٍ متصوَّر ثم البحث عما يعضدُه، أو تذبذبٌ يوجبُه النظرُ في اختلاف الناس فيوصل بصاحبه –في بعض الأحيان- إلى الوقوف عند بعضِ أحوال المختلفين وأقوالهم والمقارنة بينها وتحليل نتائجها ثم انتخاب مذهب أو اختراع موقف؛ دون وقوفٍ صادقٍ عند براهين الوحي واسترشاد كافٍ بفهوم أهل البصيرة من السلف الصالح –رحمهم الله-.
وصاحبُ تلك الحال –الأخيرة- بعيدٌ عن نيلِ المطلب السامي –أعني: الحق-، وقد تراه يحتفل بحكاياتِ عقلٍ مجرِّبٍ –في نظره! - (ولاَّجٍ خرَّاج في المذاهب والنحل) أكثر من احتفالِه بتأصيلٍ علمي مبني على الدليل الشرعي كتبَه صاحبُ عقلٍ صحيحِ الاستدلال.
وإنَّ مَثَلَ ذلك المتذبذب في أول أمره الثابت على الجهل المركب في آخره مثلُ السائر في فلاةٍ ستَرَ ترابُها سلكًا منيرًا، وفي الفلاة جحور كثيرة، فراح السائر يدخل يده في كلِّ جحر فيُلْدَغ مرَّة ويجد معدنًا أو حجرًا مرَّة أخرى، وحين قطع الفلاة راح يحصي الحصا ويعدِّد محاسن كلّ ما ناله من معدن فاختار الأجود -في رأيِهِ- وطرح الباقي.
ومَثَل صحيحِ الفهم سليم القصد الصادق في طلب الحق مثلُ السائر في تلك الفلاة ينفض الترابَ عن ما يظنه موضعًا لمطلبه حتى وجد السلك المنير فقبضه وتثبت من جودته فسلك به إلى داره مغتبطا بما نال موقنا بحسن مكسبه.
أما بعد؛ فإنَّ الإخلاص والمتابعة ركنا العمل الصالح، فأخلِص نيَّتك لله عزَّ وجل واجعل الظفر بما يرضيه غايةً لك، وتذكر أنَّ التفات قلبك إلى أمرٍ تشتهيه أو إعراضَه عن أمرٍ من الحقِّ استثقالا له: كل أولئك مثبط لهمتك عن الإخلاص في طلب الحق.
وكُنْ في علمك وعملك متبعًا لنبيك نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، سالكًا سبيل المؤمنين؛ غير مخترع ولا مقلِّد لمن أحدث في دين الله ما لم يأذن به الله ولم يعرفْه المؤمنون بالله العالمون بدين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهجِ السلف الصالح رضي الله عنهم.
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (الأحزاب:36).
وقال عزَّ وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (النساء:115).
كتبه: ناصر الكاتب –أصلح الله قلبَه-
وحرره ليلة الاثنين: 15/ 10 / 1427هـ.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[20 - 11 - 2006, 05:48 م]ـ
بارك الله فيك وأصلح قلبك وسلمه
و نسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه , ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
جزاك الله خيرًا